رحاب ضاهر |
لا يختلف اثنان على مكانة أصالة وعلى صوتها، الذي يؤهلها لتكون في طليعة نجمات الغناء في العالم العربي. نظرا لما تتمتع به من قدرات صوتية تجعلها علما من أعلام الغناء في العصر الحديث، ولا يخفى على أحد اعتزازها واعتدادها بصوتها وتعبيرها الدائم عن عشقها له، وهذا حقها.
ولكن من يتابع مسيرة أصالة الفنية، وخصوصا في السنوات الأخيرة، سيلاحظ أنها لم تستطع أن تكون صاحبة لون غنائي تعرف به ويميزها، ليكون لها بصمتها الخاصة في الأغنية العربية، على غرار زميلاتها أنغام وإليسا وشيرين. فقد اختارت أصالة أن تسلك طريق “التجريب”، والدخول في كثير من الأحيان في تجارب غير مدروسة. ففي كل ألبوم تصدره تخوض تجارب غنائية متعددة، بحثا عن التفرد والتميز والتجديد لمواكبة العصر، ولمحاكاة أجيال جديدة من الجمهور، الأمر هو الذي يجعلها تقع في “مطبات” ليست في صالحها، منها ألبومها الأخير “في قربك”.
هذا الالبوم سبقته حملة تسويقية أوحت للمتابعين وللجمهور بأنه سيحدث ثورة في عالم الغناء، وأنه سيجسد خلاصة تجربة أصالة الفنية، ويلخص النضج الموسيقي لها. لكن النتيجة جاءت أقل من المتوقع، ففي البداية عندما أصدرت أولى أغنيات الألبوم ” نكتة بابخة”، كان هناك إجماع على كونها تقلد سميرة سعيد التي أصدرت منذ أكثر من ثلاث سنوات ألبوم “عايزة اعيش” والذي حمل ميزة التجديد بكل معنى الكلمة، سواء في الموسيقى أو في الكلمات والموضوعات التي طرحتها سميرة سعيد في ذلك العمل، فأحدث ضجة وتغييرا حقيقيا في مفهوم الأغنية العصرية، حيث قدمت أنماطا غريبة تراوحت بين الحديثة والكلاسيكية و House.
وقد دافع كثيرون من “فانز” أصالة عنها، معللين ذلك بأن هذا النمط ليس حكرا على سميرة سعيد أو على أي فنان آخر، وهذا صحيح، ولكن يجب الأخذ بعين الاعتبار أن لكل صوت هويته وخصوصيته مهما كان صوتا قويا وجبارا، وأن هذا النمط يحتاج لمرونة وطرواة في الصوت ودلع في الأداء، وهو الذي يميز سميرة سعيد. أما اصالة فقدت عرفت واشتهرت بأنها فنانة الأغنية الكلاسيكية وهذه ميزتها وملعبها الأساسي الذي كان يمكن أن تجدد في إطاره، وأن تكون مدرسة فنية يقتدى بها، بدلا من أن تكون مقلدة لغيرها، فألبوم أصالة في مجمله لم يخرج عن كونه يدور في فلك تجارب عمرو دياب، كما في أغنية “في قربك”، وفي نمط سميرة سعيد، وقد غابت عنه روح أصالة التي يجب ان تكون مؤثرة في جيل جديد من المغنيين وأن يدوروا هم في فلكها وليس العكس. فليس من المنطقي أن تكون وهي في قمة نضوجها الفني ممن تستهويهم تجارب غيرها، فتخوضها كنوع من التحدي لصوتها، وكأنها تريد أن تثبت قدرتها على تقديم كافة أنماط الغناء، الأمر الذي يحولها من حيث لا تدري إلى “مقلدة”، ويفقدها هويتها الفنية وتربعها على عرش الأغنية الكلاسيكية، بدلا من أن تحدث ثورة في عالم الغناء، كما حدث عندما قدمت “يا مجنون” والتي ما تزال حتى اليوم علامة فارقة في مسيرة أصالة. بالإضافة الى “الهيتات الكلاسيكية” التي قدمتها عبر السنوات، والتي ما تزال عالقة في ذاكرة الجمهور.
ولكن في الختام، يحسب لأصالة غناؤها في البومها الأخير بطبقات مريحة للأذن بعيدا عن الطبقات المرتفعة، كما في أغنية “سابوك”، و”جابو سيرته” و”ما بقاش سر”. لكن الألبوم بالاجمال لا يعتبر علامة فارقة في مسيرة أصالة، كما أنه يمر مرور الكرام.. لا أكثر.
شاركنا النقاش