انطوان قصابيان|
تواجه الدراما العربية عموما، والمصرية خصوصا في شهر رمضان المبارك مشكلة تتعلق بالسيناريو. وهي في الحقيقة نوعان:
– إما يلعب المسلسل كل أوراقه باكرا ( كما حصل في الماضي في مسلسل “فرقة ناجي عطالله”، مع “الزعيم” عادل إمام، حيث إنتهى التشويق كله فور الإنتهاء من عملية سرقة المصرف، أي في الحلقة الثامنة أو التاسعة، وكل ما تبع ذلك كان مضيعةً للوقت لإستكمال الحلقات الثلاثين)…
– وإما يبقي المسلسل التشويق للحلقات الأخيرة، وهنا، يتأخر جدا في الأحداث. فنشهد تسلسلاً سريعا في الحلقتين الأخيرتين، حيث تقع احداث لم تكن أبداً في الحسبان، وتطوُّرات لا علاقة لها بالمنطق، لكي ينتهي المسلسل في حلقتين، ضارباً بعرض الحائط كل الإتجاهات التي حاكها كاتب السيناريو خلال الحلقات…
وهنا الأمثلة عديدة، مثل مسلسل “مليكة” (بطولة دينا الشربيني ومصطفى فهمي)، حيث كل الأوراق إنكشفت في الحلقة الأخيرة. وشاهدنا احداثا غير معقولة تقع، و”good guys” يقلبون إلى “bad guys”، والعكس صحيح. أو مسلسل “رحيم” (بطولة ياسر جلال ونور) حيث علمنا في الحلقة الأخيرة، أنه منذ اليوم الأول، كان رحيم متواطِئاً مع قائد الشرطة، بينما كل أحداث الحلقات الثلاثين تثبت عكس ذلك. أو مسلسل “عوالم خفية”، أو “ليالي أوجيني”… الخ
وهنا تجدر الإشارة الى قصور كاتب سيناريو مسلسل “رحيم”، حيث قدّم لنا، خلال ثلاثين حلقة، رحيم السيوفي كبطل روائي حديث، أي نوع من “robin hood” القرن ال ٢١، وجعلنا نتعلّق به كشخص يحاول أن يتخلّص من ماضيه ويعيد حياته إلى الخط الصحيح. وفجأة في الحلقة الأخيرة، يُقتَل على يد غريمه، وتكون النهاية أغنية وداع حزينة على مشاهد من اللحظات القوية في المسلسل… من الواضح أن كاتب السيناريو لم يسمع أبداً بما يُعرَف بال “happy ending”، أي النهاية السعيدة التي ينتظرها المشاهد بعد ما تعلّق بهذا البطل على مدى ٣٠ حلقة. وهنا من الضروري أن يتم إرسال كاتب السيناريو هذا إلى هوليوود لكي يتعلّم ما الذي يجعل الأفلام الأميركية تحقق كل هذا النجاح!…
أرجو أن نشهد اليوم الذي سيصل فيه النضج في السيناريوهات العربية إلى مستوى يسمح لنا أن نشاهد مسلسلات مميزة يحسدنا عليها الغرب، ويشتري منا حقوقها لكي ينتجها في كل أنحاء العالم. فهل سيأتي هذا اليوم؟
شاركنا النقاش