فاتن قبيسي|
يواصل برنامج “نهاركم سعيد” عبر محطة ال بي سي اي” لليوم الثاني، احياء “اليوم العالمي للمرأة” على طريقته الخاصة. استضافت الزميلة ديما صادق صباح اليوم كل من الصحافية ديانا مقلد، والمحامية ليلى عواضة من جمعية “كفى عنف واستغلال” في حلقة تشكل ربما مرجعية ثقافية وقانونية واجتماعية لقضايا المرأة في لبنان.
هكذا، خاضت الضيفتان معاناة المرأة مع القوانين المجحفة في لبنان. واذا كان الموضوع قد تم تناوله عشرات المرات اعلاميا، الا ان ما تفيض به عواضة يحمل جديدا في كل مرة. وهي الحقوقية المتمرسة، الضليعة في دهاليز القانون، والخبيرة في شؤون النساء ومعاناتهن، والساعية ابدا من خلال خطها “الساخن” المفتوح على مدار اليوم الى انقاذ الكثيرات ممن يلجأن الى الاتصال بالجمعية، طالبات الحماية من العنف الجسدي او القهر المعنوي.
لذا لم تأت مداخلات عواضة تنظيرية. بل جاءت من رحم الواقع. من هنا، ارادت “يوم المرأة العالمي” هذا العام، من خلال الجمعية، مناسبة لاطلاق حملة على “قوانين الاحوال الشخصية” التي اعتبرتها: “معقل التمييز، وتبرير العنف بحق المرأة، وتكريس تبعيتها للرجل، وحرمانها من اولادها، واستسهال طلاقها من قبل الزوج..”
واذا كان الفيلم الوثائقي “ضدي” الذي اعدته واخرجته الزميلة ديانا مقلد، بالتعاون مع “كفى” لمناسبة “يوم المرأة العالمي”، هو مناسبة الاستضافة على “ال بي سي اي”، الا ان الحديث الذي انطلق من سبع نساء يروين قصصهن المجحفة مع “قوانين الاحوال الشخصية” في الفيلم، تشعب كثيرا، متناولا بعمق ابرز مفاصل القضية النسائية. وقد بدت على صادق صدمتها اكثر من مرة، وهي تستمع الى حكايات بعض النماذج التي نقلتها مقلد خلال الحوار.
وقد وُفِقت مقلد في طرح افكار سجالية وتساؤلات منطقية من مثل: لماذا المصالح السياسية تجمع الخصوم احيانا؟ ولماذا تدخل بعض القيادات الروحية بتسويات، في حين يًجمد كل ما يتعلق ب”قوانبن الاحوال الشخصية” في لبنان”؟
وعندما سئلت عن محاذير المس بالطوائف الدينية من خلال تبني القضية، قالت مقلد: “ما فينا نحكي عن الموضوع وكأننا نخاف”.. هناك تحريم حول فائدة البنوك، ومع ذلك الناس منخرطة فيها. لماذا يكون هناك حظر فقط حول ما يتصل بحقوق المرأة ومساواتها بالرجل؟”
وفيما اتسم حديث مقلد بالهدوء، الا ان عواضة كانت نسبيا منفعلة ومتفاعلة مع اقوالها، وهي التي خاضت ميدانيا تجارب قاسية مع نساء قتلن على يد ازواجهن. وقد شاركت من خلال “كفى” بمشروع قانون العنف الاسري لحين اقراره، بين عامي 2008 و2014. وعليه، فهي تمتاز بنَفَس طويل ومتابعة دائمة للحيثيات. وتساءلت بجرأتها المعهودة: “لماذا لم يحل الرئيس سعد الحريري القانون رقم 293 (المعدل) بعد اقراره في مجلس الوزراء الى مجلس النواب حتى اليوم؟ مجيبة على سؤالها بالقول: “لأن دار الفتوى يعارض التعديل!”
كما اثارت في الحلقة نقطة هامة بقولها: لا نطالب فقط بالمساواة مع الرجل، بل بالمساواة بين النساء انفسهن، بحيث ان لكل طائفة ولكل مذهب قوانينه الخاصة في الاحوال الشخصية. وهذه التعددية تفرض على الدولة اجتراح قانون مدني موحد يجمع الطوائف تحت جناحيه بلا تمييز.
وتساءلت عواضة: ما علاقة النفقة وتحديد سنوات الحضانة على سبيل المثال بالدين؟ فالكتب السماوية لا تذكر هذه المسائل.
واتفقت كل من عواضة ومقلد على ان اهداف الحملة المستمرة هي نزع القدسية عن “قوانين الاحوال الشخصية” لأنها من صنع البشر. وحتى هؤلاء مختلفون في ما بينهم حولها.
وعندما سألت صادق عن دلالات العدد الكبير للمرشحات للانتخابات النيابية المقبلة، اجابت عواضة: صحيح اننا فرحين بهذا العدد، ولكننا نطالب بان تتبنى المرشحات في برامجهن الانتخابية قضايا نسائية، وان تضعن انتماءاتهن السياسية جانبا.
وعليه، يمكن القول بان الحلقة كانت موفقة، وموثِقة لمعاناة طويلة مع الشرع والقانون.. والاهم، حلقة تثقيفية حول ما يجهله الكثيرون في لبنان، ومن بينهم النساء انفسهن ممن يعانين.. ولا يعرفن كيف يرفعن الظلم عن ذواتهن!
شاركنا النقاش