ماهر منصور|
تعيدنا مآلات النزاع على مسلسل “باب الحارة” بين شركتي “ميسلون” (بسام الملا) و”قبنض للإنتاج والتوزيع الفني”، إلى لوحة شهيرة من الجزء السادس من سلسلة “بقعة ضوء” كتبتها الزميلة كوليت بهنا بعنوان “في بيتنا فروج” (https://www.youtube.com/watch?v=Ie4nsFi2odg). وفيها تتفتق ذهنية الزوجة على استثمار كل قطعة من الدجاجة اليتيمة، التي حصل عليها الزوج، في إعداد عدد من وجبات الطعام، بعد أن قامت بتقسيمها الى عدة قطع، وصولاً إلى تجفيف عظام الدجاجة وطحنها وذرها فوق الرز.
حال “باب الحارة” اليوم من حال تلك الدجاجة، إذ بينما تمضي قضية النزاع على حقوقه في أروقة القضاء بين الحكم ونقض الحكم، يتجه الخلاف نحو ما يمكن أن نسميه “حل الأمر الواقع” بأن يصير المسلسل مسلسلين، الأول ليس فيه من المسلسل الأصلي إلا اسمه أي “باب الحارة”، والثاني لا يحمل من الأصل إلا اسم الفضاء المكاني الرئيسي لحكايته أي “حارة الضبع”. وفي كلا المسلسلين لن نجد سوى ما يشبه مسحوق عظام الدجاجة في نهاية حكاية لوحة “في بيتنا فروج”.
في المسلسل الذي كتبه د. فواد شربجي وتنتجه شركة ميسلون (المخرج بسام الملا)، نحن، وفق ما رشح إعلامياً، أمام تغييب لكثير من شخصيات المسلسل الشهيرة، وأمام مجتمع جديد لحارة الضبع، ضمن بناء حكائي يضع نصب عيونه تصحيح الصورة المشوهة عن دمشق وأهلها.
ولأن ذلك كله يجري من دون قفزة زمنية للأحداث تبرر تغييب هذا العدد الكبير من الشخصيات الرئيسية في المسلسل، ويمهد للتغيير الحاصل في أنماط التفكير في ناس حكايته واتجاهاتهم الفكرية، نجد أننا امام جزء جديد من المسلسل لا ينتمي إلى الأصل إلا بالاسم فقط.
وفي نسخة الطرف الآخر من المسلسل، والتي كتبها السيناريست مروان قاووق لصالح شركة “قبنض للإنتاج والتوزيع الفن”، وبدأ المخرج محمد زهير رجب تصويرها مؤخراً، نحن أمام حكاية جديدة تقوم على أنقاض حارة الضبع، وبعيداً عنها… إذا يتكئ البناء الحكائي فيها على دمار كبير يصيب حارة الضيع، ليعيش الناجون منه في حارة أخرى وسط أناس آخرين وحكايات أخرى، وبالتالي لا يبقى من حكاية المسلسل الأصل سوى اسم الحارة وبعض الشخصيات الدرامية التي ستحضر بالغالب بالشكل الخارجي، من دون فاعليتها الدرامية المعروفة.
والمثير ان فرضية الحكاية في هذه النسخة صممت على مقياس نتيجة المفاوضات التي ستجري مع الممثلين المشاركين في النسخة الأصلية من مسلسل “باب الحارة”، فمن وافق على الانضمام إلى العمل سيكون من بين الناجين من دمار الحارة، وبالتالي ستستمر شخصيته في الحارة الجديدة، ومن يرفض الانضمام إلى النسخة الجديدة، تموت شخصيته وسط من ماتوا تحت الأنقاض.. ببساطة.
وبينما يستمر النزاع حتى الساعة على العملين، وقناعتنا ان ايا منهما ليس جزءاً جديداً من مسلسل “باب الحارة” الشهير، نجد أنفسنا أمام حالة من التذاكي تُمارس على الجمهور، عبر الاستثمار التجاري لمحبته لعمل، ما أن تتالت أجزاؤه حتى فرغ من مضمونه الفني، وصار مادة للاستهلاك.
الغريب أن هذ النزاع يجري على مسلسل انتهت مدة صلاحيته الفنية منذ عدة سنوات، وبدلاً من التوجه لإنتاج مسلسل جديد بحكاية جديدة، نشهد اليوم إعادة تدوير المسلسل القديم في مسلسلين اثنين.. ولا عزاء لذائقة فنية ستبلع “موس” باب الحارة، وهذه المرة، على “الحدين”!
شاركنا النقاش