[sam_zone id=1]

دمشق: آمنة ملحم|

أشلاء مبعثرة.. رصاص.. اشتباكات.. وعائلات تبحث عن الخلاص، هكذا اختار المخرج الشاب يزن انزور الولوج بعدسته لحدوتة فيلمه القصير “جوري”، والذي افتتح مساء أمس بعرض خاص في دار الأوبرا في دمشق.

الفيلم حمل نفحات انسانية عالية مطرزة ببراءة الطفولة وعذوبتها، التي سيجتها الحرب والدمار بسور من ألم الغياب وعذابات الحاضر وغموض المستقبل، تلك النفحات بُعثت من دموع “جوري” وغصة أمها لحظة اختيار الموت لها والبقاء لابنتها، إنه قرار لم يكن بحاجة للتفكير من الأم (روبين عيسى) بل اتخذته على الفور بمشهد عالي الأداء، مؤكدة بذلك أنه لا مكان للمفاضلة في حساب الامومة عندما يتعلق الأمر بالأبناء.

استطاع الفيلم بخمس وعشرين دقيقة ملامسة المشاعر بلغة سينمائية، توزعت مشاهدها بين الأبطال من جهة والمكان من جهة اخرى، في محاولة لالتقاط روح الدمار الذي خلفته الحرب، مرخية بظلالها على الحجر والبشر على حد سواء، مانحاً المساحة الاكبر من الظهور للطفلة جوري (شهد الزلق) التي ترمز لكل طفل فقد عائلته وبيته، بعد تدمير المنطقة التي تعيش فيها. فبقيت وحيدة تعارك الأمل، الذي تكلله بالورود الحمراء التي حرصت على توزيعها على حائط الذكريات في المنزل المهدم، ولتسدل ستارة الفيلم على ذلك الحائط.

لم يأت فيلم “جوري” رتيب المشاهد والأفكار، بل تميز بروح الخلق في مجال المؤثرات البصرية لرحلة معاناة طفلة محاطة بالمسلحين من كل الجهات، وحيدة مع فأرها الصغير الذي أهداه اياه والدها قبل الدمار الكبير الذي أحاط بهم، لتحتفظ به كأغلى شيء على قلبها، مع ذكرياتها مع الأم والاب اللذين تحاول اللحاق بهما بلقطات متخيلة وأحلام تداهمها. وهنا استعان أنزور بنمط من الخيال السحري في المشاهد برمزية جذابة، رغم كل ما يحيط بالمكان من خراب.

الفيلم وفق حديث كاتبه ومخرجه أنزور ل”شاشات” يمثل بالنسبة له رحلة سينمائية روحانية إنسانية، تطلبت منه حساسية عالية، متمنيا ان تصل رسالته الى الجمهور.

وأعرب انزور عن سعادته بهذه التجربة التي ضمت الفنان بيير داغر، الذي أدى شخصية الأب بكاريزما قوية. وكذلك الفنانة روبين عيسى بدور الأم، وهي صاحبة الأداء المتمكن والحساسية الكبيرة، مع الطفلة شهد الزلق التي وصفها بالموهوبة جدا….

واعتبر أنزور أن هذا الفيلم هو نهاية لمرحلة في خطواته الفنية، فكل مهنة برأيه يجب تعلمها والتمكن منها بخطوات ومراحل، وتلك المرحلة كانت استطلاعية تدريبية عمل خلالها على دعم خبرته، لينطلق بعدها نحو الأفلام الطويلة والدراما، وحتى الافلام القصيرة الاحترافية في حال حملت أفكارا صحيحة.

بدوره المخرج نجدت أنزور أوضح ل”شاشات” أن التجارب الشبابية التي تعتبر نتاجا لمهرجان سينما الشباب ودبلوم العلوم السينمائية الذي أطلقته “مؤسسة السينما” تعنيه بشدة، حيث بات من المتوقع أن يُفرز الكثير من الشباب الموهوبين الذين سيكملون الدرب ويقدموا الجديد والمختلف للسينما السورية، لذا من الواجب دعمهم ومساندتهم.

جوري

كما أعربت الفنانة روبين عيسى عن سعادتها بهذه التجربة، التي آمنت بها منذ البداية لجمالية الطرح الذي حمله الفيلم، واصفة التعامل مع المخرج الشاب يزن انزور بالممتعة، رغم اشارتها الى الظرف المناخي القاسي الذي رافق التصوير.

كما حضرت الافتتاح الفنانة القديرة نادين خوري التي اكدت بدورها ل”شاشات” تشجيعها وتفاؤلها بالشباب وتجاربهم، فهي أول من يشد على أيديهم ويحب متابعة نتاجاتهم، لا سيما أنها ثمرة “مهرجان سينما الشباب” الذي تعتبره خطوة رائعة من مؤسسة السينما، فهو يدعم أفكارهم ويخرجها للنور مهما كانت صغيرة، مؤكدة بأنه من الواجب الوقوف الى جانب هؤلاء الشباب الذين يحملون رؤية جديدة للفن، وسيكملون المسيرة في هذا الدرب.

وكذلك الفنانة ريم عبد العزيز رأت في الفيلم فكرا ولمسات جديدة خاصة بيزن، مشيرة الى ان العمل السينمائي يتطلب دقة وانتباه وتصميم وابداع، منوهة باللمسة الانسانية الجميلة التي قدمها الفيلم.

وعن رأيها بالتأليف والاخراج معا، تشير عبد العزيز إلى أنها تفضل الأفلام التي ينفصل فيها الكاتب عن المخرج، حيث تتاح هنا الفرصة للمخرج برأيها أن يضيف من روحه للنص اضافات مختلفة وجميلة.

“جوري” إنتاج “المؤسسة العامة للسينما” 2019، سيناريو وإخراج يزن نجدت أنزور، مدير التصوير باسل سراولجي، مدير إنتاج وائل يونس، مخرج منفذ علي الماغوط، مونتاج وائل طه، مساعد مخرج رهف خضور، وفادية إبراهيم، إكسسوار وديكور ضياء مناوي، وفوتوغراف شيرين الجردي.
العمل بطولة : بيير داغر، روبين عيسى، الطفلة شهد الزلق، محمد نظام رعد، مجد الزند،

في هذا المقال

شاركنا النقاش