[sam_zone id=1]

فاتن قبيسي|

انه اشبه بزلزال!

لم يصبر جمهور النجم التركي بوراك اوزجيفيت حتى السابعة مساء، موعد وصوله الى محل تجاري كان مقررا افتتاحه في centro Mall في بيروت. قبل ساعة، زحف الناس زرافات ووحدانا امام مدخل المحل. جاؤوا من مختلف المناطق، ومن كافة الاعمار.

سياج بشري من موظفي المحل وشركة الامن منع الدخول، ولكن من “زمط” الى الداخل كانوا كثرا. ارادوا الشراء للحصول على قسيمة تخولهم التصوير مع محبوبهم التركي. هكذا كان “العرض التجاري”. ومذاك اختلط الحابل بالنابل: الزبائن مع الصحافيين، مع المتسللين. اكتظ المحل، ولم تفلح كل محاولات التنظيم.

مر ثقيلا ومملا. الساعة تجازوت السابعة ولم يطل “كمال” (كما عرف في مسلسل “الحب الاعمى” الذي يعرض حاليا عبر قناة “الجديد”) . كان المحل يختنق بمزيد من الناس. ثمة تدفق متواصل مبهم. شباب الامن يسدون المدخل. اذن كيف يتقاطر الناس؟ ومن اين؟

اكد الموظفون عبر مكبر الصوت ان الضيف لن يدخل في ظل الفوضى المستشرية. ولكن عبثا. الصحافيون اعدوا كاميراتهم وانتظروا طويلا. كان مقررا عقد مؤتمر صحافي مع النجم التركي. لكن الانتظار امتد لاكثر من ساعة. بدأوا يتململون، فيما الناس من حولهم يكادون “ينفجرون” شوقاً. فتاة تقول بملء صوتها: “قال شو؟ بدن يضهروني من هون. انا جايي من آخر الدنيا، ما في حدا بالعالم بخليني ما شوف “كمال”. واردفت زميلتها: “انا ما بدي بوسو، ولا احضنو، بدي شوفو بس.. “كمال” دبحنا.. “كمال” قتلنا ..آه”.

واللافت ان بعض الفتيات ممن اشترين فساتين من المحل، ارتدوها للتو لاستقبال “معشوقهن”. الثياب التي اتوا بها لا تليق به. كما جاءت اخريات “فول ميك اب”.. لوازم الصورة مع الشاب الوسيم.

غير ان جمهور الضيف التركي لا يقتصر على الاناث. احدهم رفع صورة لنجمه رسمها بنفسه. وثمة شبان كثر تحدوا عناصر الامن، ودخلوا في “عراكات” جانبية املا في صورة معه. والانكى هو اصطحاب كثيرات لاطفالهن. عشرات ما دون سن العاشرة وقفوا على اقدامهم الطرية طويلا، بانتظار ان تحقق امهاتهم “حلمهن” المراهق. والسؤال كان ما ينفك يدور هنا وهناك: لماذا جيء بالاطفال الى هذه المعمعة؟

الساعة تخطت الثامنة ب17 دقيقة. اخيرا اطل بوراك على وقع موسيقى مسلسله “الحب الاعمى”، وسط عاصفة من الصراخ والنواح. التدافع بلغ اشده، حالات التوتر وصلت الى ذروتها، فثمة احتمال بعدم امكانية الوصول اليه والتقاط الصور معه. شابة كاد يغمى عليها، فتيات تسابقن على الاقتراب منه، بعضهن غرقن في نوبة بكاء، وأخريات نادينه “بوراك حبيبي”، او مددن ايديهن للمسه..

بوراك

المرافقون احاطوا به من كل جانب. ومع ذلك كاد الفنان التركي ان يصاب بالاختناق لشدة الازدحام. حاول الوصول جاهدا الى المكان المخصص له، فتدافع الناس بطريقة جنونية، الفواصل الحديدية جرفتها الجموع البشرية. تحولت الى “مطبات” مؤذية للسقوط. راح البعض “يدعس” على اقدام المحيطين، والبعض الآخر يدفع من حوله بوحشية. امرأة اربعينية وقعت ارضا، لم يشعر بها من حولها، مشى البعض على اطرافها وهي تنوء وجعاً. غطت وجهها بيديها لتحميه من الارجل. طالب صحافيون الناس بالتراجع لخطوات الى الوراء لانتشالها، فكان التدافع يتزايد فيما لا تزال المرأة بين الاقدام، الى ان اُنقذت بصعوبة كبيرة.

جهد عشرات من عناصر الشركة الامنية والدرك، ومعهم عشرات من موظفي المحل على التخفيف من حدة الفوضى، ولكن كان الوضع يزداد سوءا. فوقع التضارب بالايدي بين المنظمين والناس. وتم تبادل الشتائم. اوقعوا قالب الحلوى الاحتفالي ارضا.. اختلطت الكريما والشوكولا بلون الارضية. كل شيء اتسخ وتبعثر. وما هي الا دقائق معدودة حتى تم سحب “بوراك” من المكان من باب خلفي. فتقاطر الناس الى مدخل هذا الباب ايضا بطريقة هستيرية. قيل لهم ان الحصول على صورة يتطلب الخضوع للنظام. ولكن من دون جدوى!

حوالى التاسعة مساء، حمل صاحب المحل التجاري “الميكروفون” وراح يوجه نداءه: “من فضكم اخرجوا من المحل.. تكسّر محلي وسرقت بضاعتي.. ما تؤاخذونا.. بوراك فل من مخرج الطوارىء.. ما بقى يقدر يتحمل هيك جو.. سامحونا.. بعتذر منكم اذا صدر عني شي غلط.. “بوراك” رجع الى الفندق.. انني مضطر لاقول لكم اخرجوا.”

ولكن هذا النداء المتكرر لم يلق صدى. تمترس الجميع في اماكنهم. رفضوا الخروج. تهامسوا انه يراد اخراجهم لابقاء الصحافيين، تمهيدا لعقد مؤتمر صحافي. قالت امراة: “نحن من اشترينا.. ولازم ناخد صوره مع “كمال”، مش الصحافيين.. انا اشتريت بخمسين دولارا”. فأجابتها موظفة في المحل: “غيرك اشترى بمليون ليرة وما زال خارج المحل” .

بعد دقائق، صرخ صاحب المحل مستنجدا بعناصر الامن: “يا شباب.. روحوا فورا عالمدخل الرئيسي، الناس عم بتكسر باب المحل”. فتم تلبية ندائه فورا، وقف عناصر الأمن كالسد المنيع امام محاولات اختراق المئات للباب باتجاه الداخل.

هكذا بلغت الصورة ذروتها الدراماتيكية: دعوات متكررة للخروج يقابلها موجات بشرية تحاول الدخول. أطفأ موظفو المحل الانوار لاجبارهم على الاخلاء.. فغرق الاطفال بالبكاء وسط العتمة، فيما راحت بعض الامهات تبحث عن زوايا خلف الالبسة المعروضة، لتحجز فيها مكانا “خفيا” في حال عودة “بوراك”.. ومعها الاضواء الى المكان. ولم يتم اخلاء المحل الا بعد مشاهدة الصحافيين يخرجون بدورهم، فاطمأنوا الى عدم وجود “تمييز” في هذا المجال. ولكن من دون ان تهدأ نفوسهم. اذ بقي اكثرهم “مرابضا” امام المدخل الخارجي حتى وقت متأخر، املا في ان يمر بوراك مجددا.

هكذا بعد طول انتظار، أطل الضيف التركي لعشر دقائق فقط على معجبيه! كان يبتسم، ولكنه. المح الى مرافقيه بسرعة سحبه من بين الجموع. سوء التنظيم كان سمة زيارته الى لبنان. اخطأ صاحب المحل عندما وعد الزبائن بالتقاط الصور مقابل قسائم شرائية.. فكر بطريقة تجارية بحتة على حساب الناحية التنظيمية، كما وقع المنظمون بخطأ جمع الناس بالصحافيين.

هكذا خرجت الأمور عن السيطرة. فلم يرضَ الناس، وتضرر صاحب المحل (بعد استفادة)، وخرج الصحافيون خاليي الوفاض، فيما بوراك غادر الى غير رجعة من بلاد “الارز”.. على الارجح!

في هذا المقال

شاركنا النقاش