فاتن قبيسي|
منذ انطلاق مسلسل “الكاتب”( كتابة ريم حنا واخراج رامي حنا، انتاج ايغل فيلمز”) وأداء الممثلة دانييلا رحمة موضع تساؤلنا. هذه الممثلة اللبنانية الآتية من عالم الاغتراب دخلت مجال التمثيل بثقلها. فاجأتنا باتقانها دور الزوجة الخائنة في “تانغو” ( اياد ابو الشامات ورامي حنا). الشخصية المركبة والتي تتطلب احترافا بتظهير تقلبات نفسية وانفعالية عالية. اختصرت مسافات طويلة من خلال تجربتها البكر . وانطلاقا من ذلك، فاننا نتساءل اليوم عن سر أدائها في “الكاتب”. أداء يحكمه الايقاع البارد. أقله على امتداد ما يتجاوز نصف الحلقات.
من حيث المبدأ، من الصعب ان تعود رحمة الى الوراء. وهي التي بدأت قوية وواثقة. كما يصعب ان تتوه عن الشخصية بادارة رامي حنا. اذاً لا يبقى الا احتمال، وهو ان يكون هذا الاسلوب في الاداء متعمدا. والهدف هو توظيفه لصالح طبيعة النهاية. وعليه نتساءل: هل يمكن ان تكون المحامية “مجدولين” مثلا هي القاتلة؟ علما ان عمليات القتل المتكررة تشكل محور المسلسل ولغزه المتصاعد؟ هل اريد من هدوئها ورصانتها “تضليل” المشاهد، تمهيدا لتفجير قنبلة في ختام العمل؟ بمعنى انه اريد ان تكون النهاية صادمة وغير متوقعة بالنظر الى شخصية “مجدولين”، تلك المحامية المتزنة التي تدافع في المحاكم عن الحق والمظلومين بوجه القتلة، والمسالمة في حياتها الشخصية الى حد كبير؟
في الحلقات الاخيرة فقط، نشاهد “مجدولين” تنحو باتجاه حالات الرعب التي تصيبها، جراء تخيلها لسيارة تطاردها. وهي حالات كسرت الاداء النمطي المعتمد. ولكن من هنا، ننطلق ايضا لنخمن بأن هذه الفتاة المعقدة نفسيا جراء معاينتها في طفولتها لمحاولة قتل والدها (نقولا دانيال)، والتي جعلتها تتوهم مطاردتها من قبل السيارة عينها التي استهدفت والدها، يمكن ان تكون هي خلف سلسلة الجرائم المرتكبة بحق اربعة اشخاص حتى اليوم. والمقصود هنا احتمال ان تكون هي الفاعلة بلا دوافع واعية، نتيجة مرضها النفسي.
وما يعزز هذه الفرضية هو احتضان هذه الشابة لطفلين في مؤسسة رعائية. ولعل ذلك ينطوي ايضا على بعد نفسي هام، اذ انها ترى في “تبنيها” او رعايتها لهما بلسمة لجرحها “الطفولي” وافتقادها للأمان يومها، جراء مشاهدتها للحادث الاليم.
مع هذه النهاية المحتملة، يمكن تبرير وتفهم الأداء الذي اعتمدته رحمة في تظهير الشخصية المطلوبة منها، خدمة لضرورات السيناريو والنهاية المرسومة. واذا صح التوقع، تكون الخاتمة موفقة، لا سيما وان الشبهات التي يوحي بها العمل تحوم حول شخصيات عدة في المسلسل، باستثناء “مجدولين”.
شاركنا النقاش