ماهر منصور|
لا نعلم كم خاضت المغنية السورية وعد البحري من صراعات داخلية، لتحسم قرارها بأن ما تحتاجه هو الشهرة الفنية لا القيمة في تجربتها الغنائية.
لعل المغنية التي جسدت بصوتها روائع المطربة أسمهان في المسلسل السوري الذي تناول سيرة هذه الأخيرة، ترددت وهي تقرأ للمرة الأولى كلمات أغنيتها الأخيرة “الكلب”. وقد تكون لوهلة تذكرت نفسها وهي تقدم في حفل مهرجان ومؤتمر الموسيقى العربية أغنيتين من ألحان “رياض السنباطي”؛ هما قصيدة “لا تقل لي ضاع حبى من يدى” وأغنية “لعبة الأيام”، وفكرت بعدها بالتراجع عن غناء “الكلب”.
كل تلك الخواطر ربما داعبت مخيلة المغنية الشابة، ولكنها بالتأكيد سرعان ما بدا لها أسلوب تفكير ساذجاً، وهي تجد أن كليب أغنيتها “الكلب” تجاوز حاجز المليون مشاهدة في أقل من 24 ساعة، من طرحها على صفحتها على “فايسبوك”، وهو الرقم الذي لم تبلغه ربما طيلة تجربتها الغنائية بالكامل. هل نعتب على وعد البحري، أم نعتب على الزمن- الرداءة الذي وُجدت فيه وعد..؟!
مع أغنيتها “الكلب” بدأت وعد البحري تتذوق طعم دخول بورصة أرقام المشاهدة المرتفعة، بلاشك أنها الآن تختبر شعوراً جديداً لم تعرفه من قبل، حتى وسط تصفيق جمهور حفلات دار الأوبرا المصرية في القاهرة والإسكندرية. فها هي تحصد جمهوراً بالملايين لأغنيتها “الكلب” ومعه تحصد مقالات صحافية وجدلاً حولها لم تحظ ببعض يسير منه طيلة تجربتها الغنائية. هل نعتب على وعد البحري، أم على الجمهور والإعلام اللذين لا يلتقطان إلا المثير الغريب..؟
القيمة أم الشهرة…؟! ربما لن تعد وعد البحري للوقوف طويلاً أمام هذا السؤال، فقط اجتهدت طوال السنوات السابقة وعيونها على القيمة، فخرجت بتجربة فنية متواضعة النجاح لم تكن كافية لتجعلها مشهورة كفاية. وها هي تتعلم من سواها كيف تؤكل كتف الشهرة في العالم العربي، وتنالها في أقل من 24 ساعة.
كم يبدو مؤسفاً اليوم أن نجد طاقة فنية مبدعة كبيرة، مثل وعد البحري، تطوع كل مهاراتها الفنية في خدمة أغنية مثل “الكلب”…وتسهم بصوتها “الأسمهاني” في تكريس ثقافة الرداءة..لكنها ليست خطيئة وعد البحري، انها خطيئتنا، نحن الذين نقيم للقيمة قصوراً من رمل وكلام، قبل أن نتركها وحيدة للريح، ونلهث متحمسين خلف كل مثير وشاذ وهجين!
شاركنا النقاش