دمشق: آمنة ملحم|
بعيداً عن أجواء الحرب وصور الدماء، يستعيد مسلسل “على قيد الحب” نبض الحياة الأسرية السورية، طارقا أبواب الحب والعلاقات الاجتماعية ومشاكل الأسرة والمرأة ، من الصداقة والخيانة والطلاق والزواج السري وعواقبه، الى مدعي الثقافة، واصحاب المصالح …
يقوم العمل بالدرجة الأولى على استعادة أجواء الحوارات الأسرية النابضة بالحياة، مسلطا الضوء على دور الأب في الأسرة وقدرته على إدارتها بهدوء ونضج في التعامل مع كل ما يعترض الأبناء من مشاكل، في ظل حضور متوهج لأمين (دريد لحام) وحسان (أسامة الروماني) مع زوجتيهما (نادين خوري) و (وفاء موصللي)، مع عدم إغفاله لسطوة المال وأثره على حياة الأبناء وتكوينهم، لاسيما بعائلة ناظم (جرجس جبارة)، و عزام (سلوم حداد”).
يستعرض العمل بحلقاته الأولى، ومن غير عجلة، نماذج متنوعة من فئات المجتمع بمختلف المراحل العمرية، ليكون عملا للأسرة ككل. ويعالج قضية الطلاق بأسلوب ناضج بعيدا عن “الذكورية” وتحميل المرأة المسؤولية، وبما يؤكد دورها كداعمة للأسرة.
وهذا ما حصل مع أروى (مديحة كنيفاتي) التي رغم اختيارها للطلاق للمرة الثانية، لم تتعرض للرفض من قبل اسرتها، بل حازت على دعمها الكامل. وهذه النقطة تحسب لكاتب النص فادي قوشقجي بتكريسه الدعم الأسري للمرأة ومنحها مساحة من الحرية، لاسيما في ظل وجود أخوة استمدوا حكمة الأب وساروا عليها لتقديم صورة نموذجية عن الاسرة، وإن ذهبت نحو المثالية احيانا، إلا أننا بحاجة لرؤية هذا النمط الحياتي على الشاشة، عله يسعف ما دمرته الحرب من الناحية الأخلاقية.
يطرح المسلسل نماذج حياتية متنوعة بحوارات عميقة ناضجة، مع تصاعد منطقي للأحداث التي تتبلور مع كل حلقة بحبكة متينة مع مجموعة من شخوصها، مشكلةً انطلاقة موفقة للعمل ككل.
تسير الأحداث بصورة هادئة مع كوادر بصرية أحسن المخرج باسم السلكا اختيارها، وبطولة جماعية تستند الى خيارات موفقة للكادر التمثيلي. فقد رأينا رنا كرم بشخصية جديدة عليها، وكذلك حال يزن خليل الذي يقدم دورا غير نمطي وبحضور متقن. وتبدو ثنائية إيناس زريق ومعن عبد الحق مفعمة بالحب الصادق كزوجين بسيطين وعفويين ومرحين، بعيدا عن المظاهر المجتمعية.
كما أن دور مهيار خضور “كنان” الذي بدأ بالتصاعد يمنحه حضورا جاء بوقته مع تكرار ظهوره مؤخرا بنمط البطل الشعبي، لنراه هنا شابا أنيقا هادئا مع علاقة حب قادمة تبشر بوجه جديد له على الشاشة، في ظل ثنائية لطيفة مع علا سعيد (حلا).
ولكن ربما كان على المخرج ألا يكرس ثنائية “هافال حمدي وترف التقي” (كندا ونمر)، بهذه السرعة بعد ثنائية حب جمعتهما في مسلسله السابق “بورتريه” كي لا تنمط الشخصيتان، إلا أن خط حكايتهما تحمل وفق ما ظهر إلى الآن وجها لعلاقة عاطفية تبدأ متوهجة وتنتهي ربما كما لا يشتهي العشاق. لتبقى أسرة “جلال شموط وروعة ياسين” على الحياد إلى الآن، على أن يكون لها حضورها الفعال في الأحداث مع القادم من الحلقات.
عموما حكايا “على قيد الحب” التي تبدو احيانا من المدينة الفاضلة مع بعض الشخصيات، لاسيما مع “أمين” و”حسان”، إلا أنها حكايا تدغدغ المشاعر، محققةً شرط الإمتاع وخطوة هامة على طريق الإقناع بضرورة العودة للذات ومحاكاة الجانب الخير منها، ليكون الحب أقوى سلاح بوجه الشر والمصالح، ومعه تبتهج الدنيا، كما يقول “أمين”: “كل ما كترت المحبة بالعالم بتصير العالم أحلى، وبتصير الشام كلا أحلى”.
ولا نزال بانتظار أحداث ستترك أثرها على المتلقي وتعيش طويلا، إن استمرت الحكايات أنيقة كما البدايات.
شاركنا النقاش