فاتن قبيسي|
يحاول إعلاميون كثر استغلال فرصة البوح التي أتاحها الفنان الكبير زياد الرحباني امام البرامج التلفزيونية مؤخرا. واذا كان اي إعلامي يعتبر ان لقاء تلفزيونيا مع هذه الشخصية يمثل اضافة مهنية له، فان مجالسته في سهرة ودية، بعيدا عن الاضواء، تعتبر محطة مضيئة دامغة في التجربة الشخصية.
شرّفنا الرحباني في سهرة عائلية في منزلنا، ضمت ايضا الفنان المقرب منه طارق تميم، والاعلامية لينا زهر الدين وعماد مرمل. تفاوتت أجواؤها بين حنكة الرحباني وخفة ظله، بين الجد والمزاح، بين الموسيقى والفن والدين والسياسة. جلسة غنية امتدت حتى ساعات الفجر، اطلت على الماضي من خلال تسجيلات مسموعة ومرئية لبعض أعماله، حملها معه، وقاربت الحاضر من خلال التطرق الى اجندته الفنية.
.. حرص الرحباني على ان يسمعنا حلقات إذاعية من برنامج “العقل زينة”، الى جانب حفلة موسيقية اختارها بنفسه لنشاهدها سويا، وكان قد احياها في ابو ظبي في العام 2005. فهو كجمهوره تماما، يفتح نافذة من وقت الى آخر على أعمال سابقة له، ويعيد اكتشافها بعقل الحاضر ونظرة مستجدة، ومن خلال وجوه من يجالسهم ايضا. يستمع اليها كمن يعيد تقييمها من جديد، يغوص بها ذهنيا فيما ترتسم معالم ابتسامة خفيفة على وجهه، كلما شعر بإعجاب المحيطين به.
ارشيف زياد الرحباني لا يحمل عمليا تواريخ الماضي، بل انه حاضر لم يُطو، وغد طويل تستحق فيه تدريجيا تنبؤاته المسبقة. لذا فهو يواكب جيدا ما يجري على البسيطة، ويحلله بطريقته ليخرج باستنتاجات نافذة ومعمّرة، تحمل لبوس الموسيقى او الكلمة. فهو يحرص على مواكبة نشرات الأخبار، فيقاطعنا مرارا لمتابعة آخر أخبار الصحافي السعودي جمال خاشقجي من على الشاشة المتلفزة امامنا. يحلل تداعيات اختطافه، ويستقرأ واقع السعودية المستجد وموقف الولايات المتحدة الاميركية، وواقع المنطقة المرتقب .
كذلك اخبرنا بأنه يتابع احد البرامج التلفزيونية العلمية، يفكر احيانا في امر الكون والمجرات، ويتساءل كيف لعقل الانسان المحدود ان يستوعب عالما لا بداية له ولا نهاية. ولكنه يفضّل عدم الغوص كثيرا في موضوع الدين، “فالنقاش فيه لا ينتهي”، لأنه مفتوح على كل الاحتمالات. ثم يسأل: “اليس الأهم هو الاهتمام بما يحسّن معيشة المواطن؟”
وانطلاقا من هذه النقطة بالذات، يحرص على إيصال فنه الى جميع الفئات، خصوصا غير الميسورة منها . لذا فانه يتنقل بين المناطق في العام الاخير لتقديم حفلات موسيقية بأسعار متواضعة. وكشف ل”شاشات” ان حفلين موسيقيين سيحييهما في صيدا، في 26 و27 الجاري، في مركز “معروف سعد الثقافي”. المكان الذي شهد آخر حفل له منذ حوالى اربع سنوات.كما انه سيقيم سلسلة حفلات في “المركز الثقافي الروسي” على مدى ايام الأسبوع الاخير من الشهر الجاري، ليقدم في كل منها فنانا. وذلك بعد ان كان موعد حفلاته في المركز محددا بأمسيات الاثنين في الفترة السابقة.
وكشف الرحباني لنا ايضا عن رحلات سيقوم بها الى الخارج، أولها الى القاهرة قريبا، في سياق احياء حفلات فنية ايضا.
هكذا عاد بقوة الى الفن. وبالموازاة، سجل ايضا انفتاحه على الاعلام. فرصة لقاءاته التلفزيونية كانت نادرة بالاجمال، وأصبحت محجوبة تماما في السنوات الثلاث الاخيرة. حظيت عدد من القنوات بحوارات معه، بدأها مع قناة “المنار”، وكان آخرها مع “LBCI”. وعلمنا ايضا ان “الجديد” بدورها ستعرض قريبا لقاء مع الرحباني، بالتعاون مع التلفزيون الألماني ” DW” ، وقد شهدنا مؤخرا تسجيله في “حديقة الصنائع” في بيروت.
اللقاء الذي جمعنا بالرحباني كثلاثة إعلاميين شهد نقاشا حول مشروع تعاون إعلامي مرتقب. تماما كمشروع مسرحي سيجمع بينه وبين طارق تميم.
زياد الرحباني .. تحبه في جده وهزله.. بفنه وشخصه.. يستفز دماغك على التفكير، ويدخل الفرحة الى قلبك.. في آن.
شاركنا النقاش