دمشق: طارق العبد|
حسناً فعلت “ام بي سي” عندما صورت الموسم الثاني من برنامج “ذا فويس كيدز” بالكامل، بالتزامن مع النسخة المخصصة للكبار، فكان ذك حلاً إسعافياً بعد الأزمة الأخيرة في السعودية والتي أطاحت بالفنانة احلام من بين المدربين الأربعة في برنامج “ذا فويس”، وأطاحت معها بالبرنامج. هكذا وجدت القناة نفسها مضطرة بسرعة لإعادة برمجتها وإطلاق البرنامج المخصص للأطفال، الذي يحقق اليوم نسب مشاهدة عالية.
لا تغييرات في الشكل ضمن الموسم الثاني، باستثناء تغيير المقدمين ( ناردين فرج وبدر آل زيدان). الكاميرات تلاحق الطفل “النجم” منذ دخوله الاستديو مع ذويه، ثم تعود به لبيته وحارته ويومياته، فلكل منهم عالمه الخاص الذي جاء منه بموهبة ينتظر أن يقدمها أمام المدربين (كاظم الساهر، نانسي عجرم، وتامرحسني).
وثمة لمسة سورية مميزة بأصوات حلبية امتلكت المسرح منذ اللحظات الأولى، فسرقوا بذلك الأضواء من الحكام الثلاثة الذين يتنافسون في ما بينهم على إقناع الصغار بالانضمام كلٍ الى فريقه وتدريبه في المرحلة المقبلة. هو مشهد لم نره في باقي برامج الهواة حين يصر الحكم “النجم” على كونه البطل الأول والأخير في العمل، لكن القواعد تختلف في برنامج يراهن صناعه على تكرار نسب المشاهدة القياسية للموسم السابق.
الصيغة المعتمدة في البرنامج سحرية ودقيقة في آن، ومطلوبة لمنافسة برامج كثيرة تتغنى بالطفولة. من يتابع نسخا عالمية من البرنامج ذاته يكتشف طريقة الإعداد المتقاربة فيما بينها، باعتباره “فورما” يتم تطبيقه مع خصوصية كل منطقة. يختلف الزخم الإنتاجي طبعاً، لكن النتيجة واحدة: الطفل هو ملك الحلقة بلا منازع، الحذر والعفوية ضروريان بالنسبة للحكام، فكثير من المشتركين- الاطفال لم يعتادو الوقوف أمام جمهور ضخم ومسرح وإضاءة، وعشرات الكاميرات تترصدهم، فردات فعل الطفل بالضرورة ليست متوقعة على عكس باقي البرامج، أو على الأقل مقارنة بالنسخة الموجهة للكبار، سواء التفت للمشترك اصحاب الكراسي الثلاثة أو لم يلتفت أحد، ليخرج بذلك من المنافسة. ينبغي هنا إذاً التركيز على الحالة النفسية للطفل سواء في فرحه بالفوز أو في حزنه بالخسارة، هي بالمحصلة معادلة صعبة جداً ربما كانت احد أسباب قرار كاظم الساهر في الابتعاد عن البرنامج، قبل أن يغير رأيه في الدقائق الأخيرة!
في المقابل، ثمة أسئلة حول مدى انعكاس إدخال الأطفال في عالم النجومية، الذي لم يكونوا يحلمون به، على حالتهم النفسية والاجتماعية وعلاقتهم بعائلتهم وبمحيطهم في المدرسة في المقام الأول. الأمر مرتبط بالمقام الأول بطريقة تقديم الطفل منذ البداية. والاختلافات تبدو واضحة في التركيز على المشترك وعالمه الخاص دون اختراقه عبر الصحافة أو مواقع التواصل الاجتماعي، ربما هذا ما دفع فريق العمل للاستعانة بمختصين في مجال علم النفس للتعامل مع الأطفال في حال الربح أو الخسارة، أو قبل مواجهة الجمهور، خاصة في السهرة النهائية التي تبث على الهواء مباشرة.
ولكن المشكلة تبدأ بعد انتهاء البرنامج باستثمار الفائزين وتقديمهم للجمهور كوصفة تشجع على الربح السريع، واطلاق أغنيات من الواضح أنها اكبر من عمر الأطفال انفسهم، هذا أن فهموا كلمات ما يقومون بتأديته. ولعل الأصعب هو تلقينهم من قبل الأهل بكلام أو مفردات قد ترفع من نسب المتابعة عبر مواقع التواصل، ولكنها تنعكس سلباً عليهم، وهم في مرحلة تتكامل فيها شخصيتهم من الناحية البيولولجية والنفسية، فيفقدون بذلك براءة طفولتهم، لصالح نجومية قد تنكسر في أية لحظة!
تعرضه “ام بي سي” و”ام بي سي مصر”، و”ال بي سي اي” و”ال دي سي” في الثامنة والنصف مساء اليوم.
شاركنا النقاش