دمشق: آمنة ملحم|
من الطبيعي أن يحمل الأكاديمي، خريج المعهد العالي للفنون المسرحية” ما يمكّنه من الانطلاق بقدم ثابتة لما اكتسبه من خبرات على أيدي أساتذة نقلوها لكل طالب حجز لنفسه كرسي على مقاعد المعهد، ولكن ليس من السهل اقتناص فرصة وتحقيق نجاح لافت بعمل درامي يحمل وهجاً من أول ظهور.
هذا ما حصل مع الممثلة الشابة دجانا عيسى، خريجة المعهد التي وقعت عقد ظهورها الأول في مسلسل “عالحد” (دراما مشتركة من 12 حلقة عبر “شاهد”، تأليف لانا الجندي ولبنى حداد، إخراج ليال راجحة) لتسجل مع هذه الفرصة بصمة واضحة أخرجتها من ثوب حضورها الهادىء في الواقع، وألبستها ثوب التوهج الذي نسجته بإتقان المحترف مع شخصية “تلجة”، المتسولة اللّماحة التي علمتها “حياة الشوارع” الكثير، وجعلت منها فتاة من الصعب أن تمر بالبال مرور الكرام.
“تلجة” المتسولة لامست بشخصيتها هموم عدد من اللاجئات، ليأتي حضورها حاملاً لقضايا متعددة من “تسول، متاجرة بالمخدرات، واغتصاب”، وقد تصدت لها الشابة عيسى بتماسك واضح في الأداء، مطرزة حضورها باللهجة “الحمصية” التي حمّلتها نَفس النكتة، والظهور الخفيف المحبب مع بداية حلقات العمل، وإن تعثرت أحياناً بشيء من المبالغة في “اللكنة”، ولكن الشخصية سرعان ما اتخذت مسارات جديدة بتورطها ببيع “حبوب الفراشة” -كما تصفها تلجة- المخدرة التي يتاجر بها “عاطف” (إدمون حداد) صاحب الصيدلية، فتغريها اللعبة مع توفر المال بين يديها لتصبح قادرة على التجول في الأسواق واختيار فستان يظهر أنوثتها التي لم تخبرها في حياتها، كما أنها لم توفر فرصة لتدخل صالون الحلاقة النسائي الذي لم تدخله من قبل، وتواجه “مصفف الشعر” الذي يحاول دفعها خارج الصالون كمتسولة، ولكنها ترفع المال بوجهه لتثبت له أنها هنا كامرأة لتهتم بنفسها فقط.
أحلام صغيرة تحققها “تلجة” وتفقدها كل المال الذي جمعته، ولكنها جرت لها ما لم يكن بالحسبان. فهي شابة بكامل أنوثتها تظهر أمام “عاطف” ليجد فيها فريسة لشهوته ويحاول إغراءها بالزواج، لكنها تعود هنا لثوب “قطة الشارع” المفترسة، فترفض بشدة إغراءاته الدنيئة. ولكن تصديه لها ومحاولته إعادتها للشارع خاوية اليدين تدفع من الفتاة المغلوبة على أمرها لاختيار هذا الطريق، الذي يؤدي بها الى تعرضها للاغتصاب من الرجل، وحرمانها من الحقوق، في ظل عدم امتلاكها لأوراق نظامية تعيش فيها في لبنان.
رحلة “تلجة” تختصر رحلة كثيرات من اللاجئات المعرضات لقسوة الحياة وضغوطاتها، وبذلك جاءت الشخصية محملة برسائل مجتمعية ذات مدلولات كبيرة وعميقة، تصدت لها دجانا عيسى ببراعة وأثبتت حضورها أمام فنانين كبار، لا سيما “ليلى” (سلافة معمار) بطلة العمل. لذا فهي ربما محظوظة بهذه الفرصة التي قد ينتظرها غيرها لسنوات بعد التخرج، ولكن يبقى السر بقدرتها على اقتناصها بصدق الأداء وتبني الشخصية بعفوية تامة وبالشكل الأفضل.
ويشارك في بطولة “عالحد” (“الصباح اخوان”) مجموعة من الفنانين السوريين واللبنانيين منهم: صباح الجزائري، رودريغ سليمان، إدمون حداد، مارلين نعمان، مروى خليل، علي منيمنة، طارق عبدو، دجانا عيسى، جمال قبش والطفلة السورية شهد الزلق… وآخرون .
شاركنا النقاش