فاتن قبيسي|
يمكن القول بأن مسلسل “تانغو” للمخرج رامي حنا عمل منافس بين العروض الدرامية الرمضانية. بل انه يتفوق على معظمها لجهة عنصر التشويق. قضية اجتماعية- عاطفية- بوليسية عرفت كيف تشد المشاهد. ثمة ترقب لنتائج تحقيقات تتحرى حول هوية المتسبب بحادث، اوصل عامر (باسل خياط) الى الكوما، وفرح (دانييلا رحمة) الى الموت مقتولة. وتجمعهما الخيانة لزوجيهما عبر علاقة مشتركة.
لن ندخل هنا في تفاصيل مضمون العمل، بانتظار استكمال احداثه، مع الاشارة الى ان مساره حتى الآن يبدو مبشرا. ولا بد من ان نسجل اعجابنا باداء الابطال عموما. باسل خياط ودانا ماريني ابدعا في الاداء. وباسم مغنية تألق في دوره، معتمدا السلاسة من دون تعقيد. اما دانييلا رحمة فتسجل لها بداية جيدة قابلة للتطور.
ولكن ثمة ملاحظة سريعة تتعلق بتكرار القفز بين زمنين: الماضي والحاضر. والانتقال الزمني المتكرر هو عماد اسلوب الحكاية. ويساهم في لعبة التشويق وليس العكس. ولكن تناوب الزمنين على مدى الحلقات قد يشوش المشاهد ويضيّعه احيانا، رغم وجود كلمة “في الماضي” على جزء من الاحداث على طرف الشاشة. هذا الامر كان يستدعي ربما تلوين الماضي بلون يميل الى الاصفر- على سبيل المثال لا الحصر- لتمييزه عن مجريات الحاضر. وثمة اعمال اعتمدت اللون الابيض والاسود للماضي، والملون للحاضر، للفصل بين الزمنين.
غير ان ما نريد الوقوف عنده هنا، هو الخط الدرامي المنسوج بين التحري “جاد” (طلال الجردي) وزوجته (فرح بيطار). ثمة ما يفتقد الى المنطق في هذه العلاقة الزوجية. الاحداث تكشف عن علاقة طيبة للزوج مع زوجته. الرجل يريد طفلا، فيما زوجته قررت عدم الانجاب بسبب اجهاضها ثلاث مرات. هي محقة بلا شك. الامر يتعلق بصحتها وجسدها اولا. ولكن ما هو غير مفهوم هو مواقفها المبالغ فيها في هذا المجال. يخبرها زوجها انه اخذ اجازة من العمل، فتكاشفه بنيته المضمرة بانه يريدها ان “تحبل” وان يتفرغ لرعايتها، وتدخل الى غرفتها غاضبة. وتفاجئنا بعد لحظات تجر حقائبها استعدادا لترك المنزل، وعندما يعترض الزوج تقول له : “قرفت منك” ثم تغادر..
هكذا افضت الاجازة المهنية للزوج الى مغادرتها المنزل.. ببساطة.
وتكر سبحة المواقف الانفعالية غير المفهومة للزوجة منذ ذلك الحين وحتى حلقة امس الاول. وتقول له في احدى المرات: “بالنسبة الك، العالم حولك هن عالم عندن وظيفة بتخصك انت بس. يعني المرا لتجبلك ولاد. الولاد حتى يرضوك ويرضوا انانيتك.. ” الى هنا، الكلام جائز، ولكن العبرة في آخر عبارتها اذ انها تضيف: “وحتى المجرمين ما بتشوفون كأنن انسان، عندن قصص ومشاعر… مفكر انو الله خلقكن بس لحضرتك تكمشن وتحطن بالحبس..!!”
ونسأل هنا: هل المطلوب من الجهات القضائية ان تترك المجرمين بلا حساب؟
لا نعلم اذا كان النص الارجنتيني المقتبس عنه المسلسل يحمل هذه الصيغة الهجينة، ام ان تكثيف الاقتباس هو الذي حرق مراحل شخصيتي الزوجين والاحداث بينهما. فلم تمهد المجريات بشكل كاف لما وصلت اليه العلاقة الزوجية من تأزم. كأن ثمة اختصارا على حساب المبررات الدرامية. خصوصا وان الاقتباس اعتمد على تكثيف 70 حلقة ( النص الارجنتيني) في حوالى 30 حلقة. علما ان الكاتب اياد ابو الشامات بذل جهدا في تغيير بعض الوقائع التي لا تلائم مجتمعنا الشرقي، مجترحا مفاصل جديدة في العمل.
ويبقى ان نقول بان شخصية “جاد” من افضل الشخصيات التي جسدها الفنان طلال الجردي. اخذ حقه في العمل الذي اخرجه رامي حنا، وانتجته شركة “ايغل فيلمز” ويشارك في البطولة يوسف حداد، وسميرة بارودي.
شاركنا النقاش