فاتن قبيسي|
لم يكن اكثر المتفائلين يتصور أن رئيس مجلس ادارة lbci بيار الضاهر سيربح كل معاركه القضائية، والبالغ عددها ست قضايا. في المقابل، لم يكن اكثر المتشائمين يتوقع ان يخسر كل من صاحب مجموعة “روتانا” الوليد بن طلال، ورئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع قضاياهم امام بيار الضاهر.
وآخر هذه القضايا اثنتان تم البت بهما منذ ايام. بموجب الاولى خسر سمير جعجع امس الاول دعوى إساءة الامانة التي كان رفعها بحق الضاهر، اذ أصدرت القاضية فاطمة جوني قرارا بإبطال التعقبات بحق LBCI وبيار الضاهر ، وبرّد كل ما زاد أو خالف، وبتضمين “القوات اللبنانية” النفقات.
وبموجب الثانية، خسر الوليد بن طلال في دعوى شخصية كانت شركاته رفعتها ضد الضاهر و lbci في محكمة التحكيم الدولية في فرنسا. وتتناول أداء الضاهر في إدارته شركات تابعة للوليد من بينها “باك”، وتطالبه بتعويض بقيمة 220 مليون دولار. والمفارقة ان التحكيم الدولي لم يسقط فقط كل الاتهامات المساقة بحق الضاهر، بل أقر بأن شركات الوليد هي من عليها ان تسدّد اموالا للضاهر، وذلك بقيمة 210 ملايين دولار.
وعليه، أُسدل الستار على قضايا عالقة منذ سنوات طويلة في القضاء. قضية “القوات” والضاهر بدأت منذ 12 عاما، وكنا نتابعها كصحافيين في جريدة “السفير”. كتبنا عشرات المقالات، في مواكبة لمجريات المرافعات والاستجوابات. كما بدأنا نواكب على الضفة الاخرى نزاعات المحطة مع الوليد بن طلال، التي بدأت منذ العام 2012 . أصبحت القضيتان حاضرتين في صفحاتنا كقدر مهني مرسوم، يفرض نفسه مع كل جسلة قضائية، او حدوث اي طارىء على مسار المحاكمات.
وقد أغلقت “السفير” أبوابها في العام 2016، وبقيت قضايا lbci مفتوحة على كل الاحتمالات. وفي كل مرة كنا نتحدث فيها الى رئيس مجلس الادارة، كان يشعرنا بأن النصر حتمي، خصوصا بقضية افلاس شركة “باك” التي اثارت بلبلة آنذاك، مع تشريد حوالى 400 موظف، وذلك من خلال تأكيده بأنه “افلاس احتيالي خطط له بن طلال”.
غير ان المسار لم يكن طويلا فحسب، بل كان شاقا ومتشعبا ايضا. فالامر لا يقتصر على القضيتين التي قال القضاء في كل منهما كلمته مؤخرا، بل سبقتهما ايضا ثلاث قضايا اخرى خاضتها lbci بمواجهة بن طلال. وعليه، فان المحطة وصاحبها ربحا امام الاخير خمس قضايا بالاجمال، اثنان فصل فيهما التحكيم الدولي في لندن وجزر الكايمن، وثلاثة بت بها التحكيم الدولي في باريس.
والامر ليس بسيطا بطبيعة الحال، فبيار الضاهر يواجه خصمين ليسا عاديين. الاول هو امبراطور مالي وأمير سعودي، والثاني هو قطب سياسي بارز. وبهذا المعنى تسلح الضاهر بالقانون في مواجهة المال والسياسة على حد سواء.
كما ان الفوز هنا ليس عابرا. فقد حقق الضاهر ما حققه من خلال القضاء الدولي والقضاء اللبناني في آن. ومن الواضح انه كان أعد ملفاته جيدا، ولم يترك ثغرات قانونية تحسبا لغدرات الزمن.. والشركاء المفترضين.
والواضح ان الضاهر صاحب نفَس طويل. قضى وقتا مديدا على مدى سنوات في اروقة المحاكم. ونتيجة المماطلة في قضية “القوات”، وتغيير عدد من القضاة بشأنها، كان يشعر احيانا انه يقف على ارض مهتزة، فإما ان تكون المحطة له، وإما لا تكون.. لكنه كان سرعان ما يغالب هذا الشعور، حاسما ان هذا التلفزيون هو ابنه الشرعي.
وهكذا كان، حتى أن الاسبوع الأخير من شباط الماضي يُعتبر بأنه “اسبوع بيار الضاهر” بامتياز. فقد حصد فوزين يفصل بينهما يومان فقط. (علما انه من المتوقع ان تتقدم “القوات” بالاستئناف على الحكم الصادر). ومع صدور حكم القاضية الجوني حوالى العاشرة قبل ظهر امس الاول الخميس (في 28 شباط)، انتشرت الفرحة في اروقة lbci في ادما، وصعد الموظفون حوالى الثانية عشرة ظهرا الى الطابق الرابع مع قالب حلوى، لتهنئة “بيارو” كما يسمونه. وكان الاخير وسط المهنئين سعيدا كمن يرد ملكا ضائعا، بل كمن يرد إعتباره، اذ قال لموظفيه بأنه عانى وعائلته سابقا من ضغوط نفسية واجتماعية كبيرة ومن احكام مسبقة، نتيجة دعوى إساءة الأمانة التي كانت مرفوعة بحقه، الا انه في النهاية لا “يصح الا الصحيح”.
شاركنا النقاش