فاتن قبيسي|
ثلاث سمات ميزت اطلالة بديع ابو شقرا امس في برنامج “المواجهة”: الواقعية والعمق والثقة بالنفس.
بديع ابو شقرا الذي شاهدناه في رمضان الماضي في عملين: “راحوا” (انتاج واخراج نديم مهنا)، و”للموت” (اخراج فيليب اسمر، انتاج “ايغل فيلمز”)، استوقفنا اختلاف مستوى ادائه في العملين. اتسم الاداء في “راحوا” بالمبالغة، فيما تجلى في الثاني على افضل نحو رغم صغر مساحة الدور.
بديع ابو شقرا اقر في البرنامج الذي عرضته امس محطة lbci بهذه الحقيقة. جاهر بالخطأ، لم يختبيء وراء اصبعه. يستحق كل تقدير على مراجعة ذاتية اجراها، وعلى خلاصة اعلنها امام المشاهدين. قال عن أدائه في “راحوا”: انا ممكن اغلط ، والحق بالدرجة الاولى على الممثل، وليس على المخرج. اعترف ان بعض المشاهد كان فيها مبالغة. منقول الحقيقة ومنعالجها، من دون زعل.
واضاف: “دوري ايضا في “لآخر نفس” كان يمكن ان اقدمه افضل”. ثم تابع: “احيانا اكرر نفسي. واقول يا ريت لو كنت فكرت باداء الدور بطريقة ثانية”.
وعن دوره في “للموت” علق بقوله: “حبيت الدور، وحبيت الشركة والمخرج وهؤلاء الممثلين. وهذه التركيبة دفعتني لتقديم الافضل”.
يتعاطى ابو شقرا مع نفسه بشفافية ويقيم عمله بمعايير علمية. هذا ما اراده بالضبط، وهذه الشفافية استخدمها ايضا علانية في الرد على اسئلة رودولف هلال. تميزت اجوبة الممثل اللبناني بواقعية قل نظيرها. “ما حدا يمكنه ان يتطور الا اذا حكي الواقع والحقيقة”، قالها بحزم.
والاقرار بمواطن الضعف ليس عيبا، ولا ينتقص من النجومية. بل على العكس، انه ينمّ عن ثقة كبيرة بالنفس. وهذا ما ظهر عليه ابو شقرا الذي لم تخطفه الاضواء على نحو جعله يكابر، بل انه ورغم مسيرته الفنية الطويلة يقول وبلا تردد: “هناك ممن يقدم ادوارا ثانية يستحقون ان يكونوا في الصف الاول اكثر منا “.
ويذهب ابو شقرا في واقعيته الى حد ابعد عندما يقول: “اسم الممثل اللبناني لا يبيع عربيا، بالمعنى التجاري والتسويقي، وبغض النظر عن قدراته”.
ولدى سؤاله عن سبب قبوله في ان يحتل معتصم النهار بوستر “خرزة زرقا” فيما يقف هو الى جانيه علق بقوله:
“كل واحد بيعرف حجمه بالسوق. هيدا المسلسل معمول لهيدا الممثل.. بدنا نشتغل لنوصل لهون.. بدنا نجرب نخطو خطوات لناخد مكاننا عربيا وليس لنحتل بوستر فقط”.
لعل المقابلة تختزن الكثير من المحطات التي تستحق التوقف عندها. فكلام ابو شقرا الذي يعبر عن نضوج وخبرة اتكأ على وضوح كبير لايصال المعنى. بدا وكأنه يقف امام مرآته، وليس امام محطة تلفزونية او منصة اعلامية (صوت بيروت انترناسيونال). تجرّد من وهم النجومية العمياء. احببنا شخصيته وصدقه وعزمه على التطور. حتى علاقته بزملائه الفنانين بدت متزنة من خلال الخوض في مسائل تخصهم.
.. واذا كان ذلك يدل على شيء، فانه يدل على السلام الداخلي والتصالح مع الذات.
شاركنا النقاش