فاتن قبيسي|
لعل التعليق الصادم الذي تم تداوله امس للصحافية سكارليت حداد على التظاهرة في لبنان، ومفاده: ” تا نشوف بكرا كم حالة حبل رح تنتج عن المظاهرات”، لم يكن، على سوئه، الا تلطيفا لما دار بالفعل في برنامج “اجندا” على محطة OTV.
العبارة التي قالتها حداد تم تدوالها امس بكثرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي مع عبارات الادانة بحقها، لتخرج اليوم موضحةً في تسجيل صوتي حقيقة ما جرى، فتقر اولا بانها هي من قالت مثل هذا الكلام المستنكر، وهو ما شكل صدمة لمن كانوا يشككون اساسا بأن يصدر مثله عن اعلامية مثقفة، وثانيا تقدم تبريرا واهيا بنبرة استخفافية: “يا ريت بتسمعوا المقابلة، حاج هلقد مشغولين، ليس هدفي الإساءة للمرأة أو أي أحد، ما صدر عنّي جاء في سياق المزاح، اسمعوها وعندها سجّلوا موقفاً، على كلّ حال أعتذر إذا كان لازم”.
واليوم مع التوضيح الصادر عن حداد بالتزامن مع انتشار مقطع الفيديو الذي دار فيه الحوار التلفزيوني المثير للاشمئزاز، نجزم بسقوط المعايير المهنية والاخلاقية في تناول التظاهرة المليونية في البرنامج المذكور. اذ وصل المحاور عبده الحلو الى اسفاف غير مسبوق وهو يقول: “إلى كل زوج بصحبته زوجته أن يوصلها باكراً إلى المنزل، يقولون إنّ الأوكرانيات سيشاركن في التحرك”، لتعلّق حداد: “هذه بعد الرقاصة”.
واضاف الحلو: “في اليوم الخامس على التظاهرات، 26 حالة خطوبة و55 حالة زواج وأكثر من 700 حالة طلاق”، لتعلّق حداد: “وتا نشوف بكرا كم حالة حبل..”
ومع انتشار هذا الفيديو، لم ترتفع حدة الهجوم على حداد فحسب، بل يتأكد لنا ان عبده الحلو غير جدير اساسا بأن يخرج الى الشاشة، او يملأ الهواء بكلام فارغ معظم الوقت. واذا كان يسمح لنفسه بانتقاد المتظاهرين من خلال “اصطياد” بعض الصور التي تنبت على حفاف التظاهرة من هنا وهناك، مستغلا منبره كاعلام السلطة، فهذا لا يعني ان ينزل في انتقاده الى هذا الدرك. فهو لم يتطاول على المرأة اللبنانية فحسب، بل انه اساء للرجل ايضا، كما انه يكرس صورة نمطية رائجة عن الاوكرانيات كبائعات هوى.
يبدو ان الحلو لا يمكنه ان يكون بمستوى الحدث. فيعرض صورا من التظاهرة ويمرر النكات ويتهكم وهو على مقعده، فيما بحت حناجر الشابات والشبان والاهالي في ساحات لبنان، على مدى اسبوع، طلباً لحياة كريمة.
والمفارقة ان الكثير من اللبنانيين استنكروا تعليقات بعض المصريين التي تطال المتظاهرات اللبنانيات وجمالهن، ولم تشفع خفة ظل اخواننا المصريين في هذا المجال، لأننا لا نرى في المرأة اللبنانية اليوم الا مناضلة حقيقية وثائرة الى جانب الرجل. فكيف نسمع من خلال شاشة محلية مثل هذا الكلام المهين لكرامة اللبنانيين عموما؟
ومن المستغرب ان تخرج تظاهرة بهذا الحجم في لبنان، تحت شعار “لبنان ينتفض” لأهداف وطنية جامعة بعيدا عن الطائفية، وبمشاركة عائلات كبارا وصغارا، لتقوم بعض المنابر الاعلامية وبعض “السوشيل ميديا” بالتهريج او السخرية على تحرك بهذا المستوى، او بتسليط الضوء على ظواهر غريبة تنشأ على هامش التحرك الكبير، ظواهر مرفوضة من قبل اغلبية المتظاهرين أنفسهم، قبل غيرهم!
شاركنا النقاش