بيروت | فاتن قبيسي
رغم مرور أسبوع على فوز الطفلة الاردنية ريما بيشه في برنامج “الارابز غود تالنت”، ( عرضته “ام بي سي” و “ال بي سي اي”)، الا ان أصداء الفوز ما زالت تنعكس اعلاميا، وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، وما زالت إطلالة الطفلة الاخيرة في البرنامج، وتتويجها كنجمة يتم تبادلها بين النشطاء، خصوصا عبر “فايسبوك” و”الوتساب” بكثرة. ووظهورها أمس الاول في حلقة “Best of” (عبر “ال بي سي اي”) كان دافعا إضافيا بهذا الاتجاه.
الامر جد مألوف. ان بيشة ليست مجرد فائزة انتزعت اللقب من شبان وشابات مبدعين في مجالاتهم، بل انها موهبة استثنائية. وهي ليست فحسب ابنة التسع سنوات، تجيد الغناء الأوبرالي باحتراف وهي لما تدخل “الكونسرفتوار”، ولم تتدرب يوما على أصول الغناء، الا عن طريق “اليوتيوب” بمساعدة والدتها، بل انها حالة فنية بحد ذاتها، تجمع بين اجادة الأداء، وعمق الإحساس، واحتراف الوقفة على المسرح، ووداعة الحضور وملائكية الروح.
كنا في العادة لا نتفاءل في فوز اي من المغنيين في برنامج “مواهب العرب”، مهما بلغت درجة تمكنهم في الغناء، لاعتبارات تعود الى طبيعة البرنامج الذي يفترض برأينا ان يفضّل اصحاب المواهب المتميزة في كل المجالات على اصحاب الأصوات الجميلة، وذلك لسببين: الاول هو وجود برامج متخصصة بالغناء، مثل “أراب ايدول” و” ذَا فويس” و” ذَا فويس كيدز” المخصص للاطفال، والثاني هو توافر مواهب “خارقة” احيانا في “ارابز غود تالنت”، تثير الإعجاب والفخر، وتستدعي تشجيعها وإعطاءها فرص الفوز، في ظل غياب برامج مماثلة في الوطن العربي.
الا ان هذا المبدأ الذي نقتنع به بالعادة، سرعان ما اهتز لدى مشاركة بيشة في البرنامج. منذ إطلالتها الاولى حكمنا كمشاهدين انها ستحمل لقب البرنامج بلا منازع. لقد خطفت الأنظار وحبست الانفاس، وأدركنا ان الطفلة الصغيرة ستحظى بما يحلم به الكبار من زملائها المشاركين.
وما مسارعة عضو لجنة التحكيم احمد حلمي الى إعطائها البازر الذهبي، وحسن تفاعل كل من زميليه علي جابر ونجوى كرم معها، (علما ان الاخيرة تنبأت مذاك ايضا بفوز الطفلة) جعلنا نطمئن الى عدالة اللجنة بهذا الخصوص، ونحصر مصدر قلق التقييم بالجمهور فقط.
والجمهور هو القضية كلها في مرحلة الحسم. او هكذا كان يروّج القيمون. في كل عام، كان يُنسب نجاح هذا المشترك او ذاك الى تقييم الجمهور النهائي. وغالبا ما كان المشاهد غير راضٍ عن النتيجة. هكذا كانت تُرفع المسؤولية عن اللجنة وعن قناة “ام بي سي” في آن.
وكان المشاهد يشكّ احيانا في صوغ النتيجة النهائية، فيستقرأ من خلالها “هوى” سياسيا او اعتبارات اخرى، على حساب مواهب اكثر جدارة. اذ تارة يفوز شاعر مصري في عز الثورة المصرية، وطورا تفوز فرقة فنية سورية في عز الحرب السورية…. علما ان إدارة القناة كانت تنفي مثل هذه الاعتبارات جملة وتفصيلا.
للمرة الاولى ربما، تسقط احكام المشاهد ذات الخلفية السياسية في هذا المجال. كما تسقط الاعتبارات التخصصية التي أسبغناها كمشاهدين، بلا وعي منا، على البرنامج، فلم يعد “ارابز غوت تالنت”، مناسب فقط لغير هواة الغناء بتاتا، فالموهبة تفرض نفسها بقوة، مهما كان منبرها. والدليل ان البرنامج وهو في موسمه الخامس، يتوج للمرة الاولى موهبة تستحق النجومية في الغناء.
لا شك ان “ام بي سي” من اكثر المحطات العربية احترافا في انتاج برامج الهواة. فهي صانعة النجوم! ولكن لا شك “ارابز غوت تالنت” البرنامج الأكثر تميزا.
.. ويبقى سؤال : اذا كانت إيمان بيشة اليوم بهذا المستوى، فكيف ستصبح بعد دخولها المعهد الموسيقي- كما يُفترض- لصقل موهبتها علميا، وبعد سنوات من ممارستها الغناء واكتساب الخبرة؟ نتساءل بذلك لأن ابنة التسع سنوات تبدأ اليوم بكل جدارة من حيث.. ينتهي البعض!
شاركنا النقاش