فاتن قبيسي|
بالطبع، بداية مسلسل “DNA” (الكاتبة ريم حنا، المخرج المثنى صبح، “ايغل فيلمز”) ليست كنهايته. الانطلاقة قوية، واعدة، وتحرض على المتابعة، والتكهن بخلفيات الاحداث ومآلاتها.
اما في الحلقة الاخيرة فيفقد المشاهد البوصلة، تشتته الاحداث، ويقفل الخط الدرامي تاركا خلفه تساؤلات، وجوانب غير محسومة.
وما بينهما (البداية والنهاية) خطوط ضعيفة وروابط غير متينة. ولكن بين هذا وذاك تبرز حركة كاميرا المخرج المثنى صبح بشكل لافت، ليطغى الاسلوب الاخراجي الفتي بامتياز على بقية عناصر العمل.
هذا باختصار الانطباع العام. اما في التفاصيل، فيبدو ان العمل الذي تعرضه منصة “شاهد” ينطوي على حلقة مفقودة. ونسوق هنا عدة ملاحظات:
-يسجل للكاتبة ربم حنا انها تناولت موضوعا غير مستهلك، عائلة تدّعي على مدى 14 عاما ان ابنها مخطوف، فيما هي تخفي وراء الامر سرا كبيرا. بدايات العمل وضعت الموضوع على السكة الصحيحة. شاب ( معتصم النهار) يظهر فجأة ويدعي انه الابن المخطوف “كريم الحفار”، فتواجهه العائلة وتسارع الابنة “آية” (دانييلا رحمة) الى التعرف عليه ، لتجاريها بقية عائلتها بانه هو الابن الضال.
ولكن فجأة، وبلا مسوغ درامي تتحول علاقة الاخوة المفترضة بين الشاب والفتاة الى علاقة غرامية. هما شقيقان في العلن وحبيبان في السر. ليتبين لاحقا ان الشاب مختلس، ويمارس عمليات احتيالية، ورغم علمها بذلك، تمضي الفتاة بالعلاقة لتهرب معه الى خارج البلد، ومعهما مليون دولار.
-لم يحسن السيناريو التعامل مع قصة الشقيقين. كان بالامكان اللعب اكثر على التشويق من خلال ترك باب الشك مفتوحا امام المشاهد، حول ما اذا كانا شقيقين فعلا ام لا، وعن الدوافع التي كانت وراء ادعاء الفتاة بأن الشاب شقيقها. (وهي كما تبين لاحقا النكاية بعائلتها لاخفائها سر اخيها الحقيقي). وخصوصا ان علاقة الحب جاءت على عجالة، غير مقنعة البتة، ومقحمة اقحاما، مما اضعف القصة بطبيعة الحال.
-ورود ثلاث روايات مختلفة حول اختفاء الابن الحقيقي للعائلة: اعتراف الفتاة امام معالجتها النفسية انها من قتلته، واقرار اخيه “عماد” (وليم رموز) امام زوجته بان له علاقة باختفائه، ليتبين لاحقا بأنه هو من انتحر بسبب رفض عائلته لميوله الجنسية الشاذة. وهنا قضية- اساس، ولعل الكاتبة حنا هي من السباقين في تناولها دراميا، ولكن السيناريو مر عليها على نحو لم يعالجها فيه في العمق. ثم انه لم يتبين في ختام العمل سبب ايراد الروايتين السابقتين.. الغموض بقي مسيطرا.
-حادثة خطف “كريم” و”آية”، والحوار الهاتفي داخل سيارة الخاطفين بينهما من جهة، وبين المحرّض على الخطف “مسيو عودة” من جهة اخرى جاء على نحو هزلي، وكأنه مشهد كوميدي خارج سياق اجواء الخطف. كذلك الاحكام القضائية، والتي برّأ بعضها “كريم” من اختلاس المليون دولار جاءت ركيكة ومفتعلة.
-الاكثر هزلية هو محاولات القاضي (دانييل) المتكررة للانتحار .. هي محاولات لم تفض الى شيء، بقيت معلقة في الهواء، غير مرتبطة بحدث، او مغزى او تعليل.. نوع من الكوميديا على الارجح!
وفي الختام، ثمة ما يوحي بمستويين في الكتابة، معظم الحلقات يحكمها الارتجال والافتعال. كان يمكن ان يكون افضل بكثير لو استمرت الكتابة على منوال ما بدأت به. يبقى القول ان اداء الفنان عمار شلق لشخصية المحقق اضفى روحا محببة على العمل.. كذلك المخرج المثنى صبح ( وان كان يتشارك المسؤولية بشأن المضمون) الا انه تبرز لمساته الاخراجية (من الناحية الفنية البحتة ) بما ينقله الى مكان جديد في مجاله.
- “DNA”: مسلسل من عشر حلقات، انتاج شركة “ايغل فيلمز”، شارك فيه اليسار حاموش، ساشا دحدوح، وسام سعد، تامار أفاكيان وآخرون.
شاركنا النقاش