ضياء عبد الوهاب|
يقول الفيلسوف وعالم النفس الألماني اريك فروم: “نزوع الإنسان نحو التدمير هو طبع تُخلق له كل الظروف لكي يتطبعه بني البشر في عصر الإنسان الحديث”، فما هي الرسالة التي يسعى لإيصالها فيلم الخيال العلمي “إبادة” (Annihilation) عن النزعة البشرية لتدمير ذاتها؟
الفيلم من كتابة وإخراج البريطاني اليكس غارلاند، وبطولة الممثلة ناتالي بورتمان، وإنتاج شركة باراماونت، التي قامت بعرضه في دور السينما الأميركية فقط، واعطت حقوق بثه لشبكة “نتفليكس” في أرجاء العالم.
عُرض الفيلم في شباط الماضي، وهو مقتبس عن رواية للكاتب الأميركي جيف فاندرمير في العام 2014 . وتدور أحداثه حول منطقة تعرضت لشيء من خارج الأرض، سُميت المنطقة بـ “الوميض”، وتم إرسال عدة فرق لاستكشافها ولم يعد منها أحد. وفي محاولة جديدة توكل المهمة لأربع عالمات للدخول ومحاولة فهم ما يجري داخل الوميض، إحداهن “لينا” وتقوم بالدور ناتالي بورتمان، والتي تقرر الاشتراك بعد عودة زوجها “كين” بحالة صحية حرجة، بعد عدة شهور على إرساله سابقاً ضمن فرقة عسكرية.
يبدو الوميض من الداخل بشكل جميل وغريب في الوقت نفسه. فالتحولات الجينة تطال كل ما هو داخل المنطقة، نباتات تنمو بشكل أجساد بشرية، أزهار من فصائل مختلفة تنمو من نفس الفرع، حيوانات تصدر أصواتا بشرية وغيرها من التغيرات، التي تشير إلى أن منطقة الوميض تعكس الضوء وإشارات الراديو والحمض النووي لجميع الكائنات التي بداخلها.
يستمر الفريق في التوغل في منطقة الوميض، للوصول إلى مركزه الذي يدعى “المنارة”. لكنه لا يصل إليها إلا “لينا” التي تشاهد مقطع فيديو يصور زوجها يقتل نفسه. ولكن كيف وهو قد عاد سابقاً؟ تأتي الإجابة من خلال “لينا” نفسها التي تقابل “بنية سديمية” تسحب منها نقطة دم واحدة وتبدأ بالتحول إلى نسخة مطابقة لـ “لينا” تحاكي حركاتها، لتسارع “لينا” بحرق النسخة بقنبلة فوسفورية ومغادرة المكان، الذي يبدأ بالاحتراق من المنارة باتجاه الوميض بشكل كامل.
يتم سرد الأحداث منذ بداية الفيلم بتقنية “الفلاش باك”. فـ “لينا” قد خرجت وهي محتجزة في المنطقة العازلة، ويتم التحقيق معها، والتي تقابل زوجها “المفترض” وتسأله: هل أنت “كين”، ليأتي سؤاله: هل أنت “لينا”؟ وتومض عين “كين” وكذلك “لينا”. ليُترك الفيلم بنهاية مفتوحة.
استعان المخرج اليكس غارلاند باللقطات التفصيلية، التي لعبت دوراً مهماً في إظهار خفايا الشخصيات وساهمت في فهم حبكة الفيلم، سواءً من خلال حركة الأصابع أو العيون. كما استحضر في الأذهان أفلام الخيال العلمي لكبار المخرجين مثل: 2001 ملحمة الفضاء لـ “ستانلي كوبريك” وكائن فضائي لـ “ريدلي سكوت”. كما كان للمؤثرات البصرية دور كبير في إنجاح الفيلم. وأكملت الموسيقى الالكترونية جو الغموض الذي يكتنف الأحداث، وأضفت طابعاً جمالياً. وهي من تأليف كل من جيف بارو، وبن ساليسبري.
نستطيع القول بأن الفيلم موجه لشريحة معينة من المشاهدين، ومع ذلك استطاع أن ينافس في شباك التذاكر الأميركي، ويحافظ على المرتبة الرابعة في قائمة الأفلام الأكثر شعبية لأكثر من شهر، ويحصد الكثير من النقد الإيجابي، مستمداً قوته من مخرجه وممثليه.
شاركنا النقاش