طارق العبد|
الجميع يختلف في السياسة. وقد يتفق البعض على لعبة رياضية أو على نوع من المسلسلات أوالأفلام، ولكن من يكره الطعام؟
الجواب لا أحد. ولعل هذا هو السبب الذي جعل غالبية شاشات الإعلام المرئي تنتج برامج للطبخ، ويتجه البعض الى فتح قنوات متخصصة في المطبخ وإعداد الطعام. ولكن هذا النمط من البرامج يحتاج الى من ينفذه بدقة، فينقذه من حالة التكرار ومجرد حصره بتلقي الاتصالات الهاتفية وإعطاء النصائح لتجهيز الأطباق.
ربما هذه الفكرة راودت محطة “أم بي سي” لتنتج موسماً أولاً من “توب شيف” العام الماضي، لتفتتح بعض الفضائيات بدورها موسم الخريف بجملة من برامج الطهي، ومعها موسم جديد من البرنامج الأشهر، الذي نجح في جعل رائحة القلي وشي الطعام تفوح من الشاشات.
لا يعلّم “توب شيف” تحضير الطعام للسيدات أو للعائلة، ولا يكتشف المواهب، ولكنه يسأل عن كيفية تحضير أربع عشرة وجبة من مكونات محلية يمكن للفقراء تناولها بسهولة. اذ يطلب من مشتركيه إعداد (زوادة) لأجل نزهة عائلية، أو يستفزهم لتنفيذ طبق من لحم أو حليب الجمل، ولا مانع من تحضير طبق نباتي بدون طهي خلال نصف ساعة فقط. الفكرة بحد ذاتها مشوقة ولكن تنفيذها يتطلب دقة تجعله بعيداً عن باقي أساليب برامج الطعام، والا فنحن أمام نسخة مكررة مملة لا أكثر.
هكذا شهدت دبي تحدياً بين أربعة عشر طاهياً محترفاً من العالم العربي، وهي نقطة تسجل للبرنامج الذي لا يبحث عن الهواة، ما يفسر قسوة الحكام النسبية (السعودية منى موصللي، والصيني بوبي تشين، واللبناني مارون شديد) وهي قسوة لا تصل إلى حد تأنيب المشتركين على سبيل المثال. فحتى رفض الطبق المقدم من الشيف يكون له أسبابه، اذ يدخل الحكام في تفاصيل الطبق ومكوناته ونكهاته لدرجة تشعر المشاهد انه في الاستديو يتذوق البصل فوق طبق (الحراق أصبعه) السوري، مع نكهة الحامض في العدس، أو شرائح لحم الجمل المحشية والمغلفة بشرائح الجزر مع الحريرة الجزائرية…
لا يعتمد البرنامج على نجوم أو فنانين. فالمشترك هو النجم الأوحد الذي تدور الكاميرا حوله، عبر اسلوب تلفزيون الواقع، ما يوحي بجيش من المصورين والتقنيين الذين يتنقلون بين مختلف أرجاء المدينة الإماراتية وفنادقها، لالتقاط ادق تفاصيل عمل الطباخين وأسلوب تنفيذهم للمهام المطلوبة منهم. وخلطة توابل دفعت البرنامج الى تجاوز منافسيه.
ولعل “توب شيف” احيا فكرة برامج الأكل، ما لفت نظر باقي الفضائيات، فأطلقت “أل بي سي اي” برنامج “إمي أقوى من أمك”، الذي يقدمه الزميل ميشال قزي. وهو يعتمد مشتركين هواة في أجواء عائلية لتحضير وجبات بسيطة، بحيث يتحول من برنامج للطبخ فقط الى برنامج للتسلية ومحاولة استقطاب جمهور أوسع من شريحة السيدات، والفئة التي أصيبت بالملل من فقرات الطبخ المكررة على بعض الفضائيات خلال فترة الظهيرة.
بالتأكيد لا مقارنة بين البرنامجين، وبينهما وبين ما يقدم حالياً على الفضائيات من برامج محضرة مسبقا، رغم أن كليهما يتجهان نحو الأسرة. فبرنامج قزي يتجه الى الهواة وبأجواء تنافسية ترفيهية مستعينا بالحكم “شيف أنطوان”، فيما يغرق “توب شيف” في تفاصيل الوجبات وتحديات صعبة في اجواء تنافسية عالية، جعلته يكتسب هوية خاصة بين برامج الطبخ.
شاركنا النقاش