فاتن قبيسي |
في اطار التنافس المحموم بين المحطات التلفزيونية اللبنانية على نسب المشاهدة، تستكمل “شاشات” ما كانت بدأته في رمضان الماضي، حول عمل شركتي الإحصاء في لبنان: “ايبسوس”، و”جي اف كي”، والذي هو موضوع نزاع ايضا، من قبل عدد من المحطات في لبنان. والخلاصة غالبا هي ان الأرقام اداة تشكيك، بدل ان تكون كلمة الفصل بلغة الإحصاء العلمية!
وفيما كنا نشرنا تحت عنوان “معركة الرايتينغ على الشاشات: القصة الكاملة” (نشر في 24 حزيران الماضي)، حكاية خضوع شركتي الإحصاء لعملية تدقيق في العام 2015، من قبل مدققين تابعين لشركتين عالميتين ( فرنسية CESP ونروجية Robert Ruud)، والتي فازت بموجبها “ايبسوس” على “جي اف كي”، وتشكيك مدير شركة “آراء” شريكة “جي اف كي” بنتيجة التدقيق، وإرساله اسئلة الى المدققين العالميين بعد عام للاستفسار حول بعض النقاط. نعود للإضاءة على المستجدات التي حصلت مذاك وحتى اليوم.
بعد فترة انتظار، ارسل المدققون العالميون الاجابات على اسئلة طارق عمار، وذلك في 30 حزيران الماضي، وفي اليوم ذاته، قام نقيب الاعلان في لبنان جورج جبور بتوزيعها على “غروب شويري” وعلى رؤوساء مجالس ادارات المحطات التلفزيونية، ووكلائهم الاعلاميين الحصريين، وشركات الإعلانات، وشركات الدراسات والمدققين، كما يقول ل “شاشات “. .
ويشير الى ان المدققين قدموا على الاسئلة المطروحة اجابات تقنية حول كيفية اعتماد العينة، وعدد سكان لبنان، وتبديل أماكن وضع الأجهزة في المنازل، والمواضيع التقنية الاخرى المتعلقة بعدم المس بالداتا وغيرها…
ويردف قائلا: لم يحصل في اي دولة بالعالم، ان تتعاون شركتي تدقيق عالميتين، لإجراء تقييم بين شركتي احصاء بالعلامات. ولم يحصل ان هاتين الشركتين وكل المعنيين بالقطاع كانوا موافقين على الخطوة قبل بدء عمل المدققين. حتى ان طارق عمار وقع التزاما خطيا بانه اذا ربحت “ايبسوس” في التقييم، فسيغلق شركته.
ويضيف: ولم يحصل قبل ذلك انه بعد مرور عام يعترض احد على التقييم متسائلاً. هل يمكن للراسب في البكالوريا على سبيل المثال ان يعترض على لجنة التصحيح، وبعد مرور عام؟ ومع ذلك ضغطتُ على المدققين للحصول على اجابات، بعدما قالوا ان الموضوع اغلق، وذلك رغم اعلان “جي اف كي” نفسها عدم اهتمامها بالحصول على اجابات. وهكذا، لم يطلب عمار طلبا ورفضته حتى اليوم. لكن المشكلة هي انه لم يعترض على علامة شركتهم وهي 7,2، ولكنه فعل عندما اطلع على علامة ” ايبسوس” البالغة 7,6!
وردا على سؤال حول عدم ثقة البعض “بايبسوس” يقول جبور: الشركة تعمل في لبنان منذ العام 1999، ومن الطبيعي ان تكون علاقتها سيئة مع البعض وحسنة مع البعض الآخر. فعمرها طويل في لبنان.
ويفترض جبور، مع إرسال الاجابات والتوضيحات من قبل المدققين العالميين، ان يُغلق هذا الملف، بعد الكثير من الأخذ والرد.
طارق عمار : انصفنا “LBCI”
ولكن لمدير شركة “آراء” طارق عمار وجهة نظر اخرى. فالإجابات التي حصل عليها فتحت امامه بابا جديدا من النقاش والسجال. لم يقتنع بِما ورد في رسالة المدققين، ما ولّد لديه اسئلة جديدة، بما يؤشر الى ان معركة “الرايتينغ” ما زالت مفتوحة في لبنان!
يفند طارق عمار ملاحظاته ل “شاشات” بالقول: أرسلت عدة أسئلة الى المدققين تؤثر على نتائج ستة معايير من اصل 11 معياراً، فأجابوا على ستة أسئلة منها بطريقة متناقضة او ناقصة، وقالوا بان لا رأي لديهم بشأن الاسئلة الخمسة الاخرى، بسبب عدم وجود احصاء سكاني عام في لبنان حديث (آخر احصاء رسمي يعود الى العام 1932). علما انهم يشيرون في العقد الموقع معهم الى انهم سيقيّمون عمل شركتي الإحصاء في ظل هذا النقص، الذي يعترفون به مسبقا.
ويضيف: يقول المدققون ان “ايبسوس” تحدّث بياناتها وفقا للتغييرات السكانية بالاعتماد على ارقام رسمية. في حين ان عدد السكان في لبنان لم يتغير وفقا ل”ايبسوس” منذ العام 2010. كما انه لم تصدر ارقام سكانية رسمية خلال هذه الأعوام. فيبررون ذلك بان ثمة احصاء اصدرته “دائرة الإحصاء المركزي” في العام 2012 وأرسلته سرياً الى “ايبسوس”، فيما افادتنا دائرة الإحصاء برسالة ذكرت فيها بأنه كل ما يصدر عنها منشور وليس سرياً. ( علما ان آخر احصاء اصدرته الدائرة حول الأسر المعيشية في لبنان كان في العام 2007).
ويستغرب عمار كيف ان المدققين لم يلاحظوا بان عدد الأسر في لبنان في العام 2015، حسب بيانات ” ايبسوس”، هو اقل منه في العام 2007، بدلا من ان يرتفع!
– انت تشكك”بايبسوس”؟
– بل أطرح اسئلة حول عمل المدققين، وأطالبهم بتطبيق منهجية التقييم التي وقّعنا جميعا عليها.
– ولكنهم مدققون عالميون، ويتمتعون بمصداقية.
– اذن ليخبروني كيف ينخفض عدد الأسر انطلاقا من العام 2007، بناء على دراسة للاحصاء المركزي غير منشورة وغير معروفة. وليقولوا لي ما هي هذه الدراسة التي لا تعترف بوجودها الجهات التي اصدرتها.
– كنت مديرا ل”ايبسوس” في الكويت؟ ماذا حصل اليوم؟ هل تغير منهج عملها مذاك ام ماذا؟
– افتتحت “ايبسوس” في الكويت في العام 1996، وكنت شريكا صغيرا بها لست سنوات. ويشهد القطاع بمهنية العمل الذي قمت به هناك، وحصلت على عدد كبير من شهادات التقدير من مؤسسات رسمية.
– الم توقع التزاما خطيا بانه في حال نجحت ” ايبسوس” في اختبار التدقيق ستغلق “جي اف كي” في لبنان؟
– لا.. التزامي يفيد بأنه اذا تبين بان عملي “غلط” أقوم بإغلاق الشركة. ولكن لم يتخيل احد بان شركتي الإحصاء في لبنان تنجحان بالتقييم، فيما نسب المشاهدة مختلفة الى هذا الحد. لم يُجب المدققون على اهم سؤال يتعلق بسبب اختلاف النتائج، علما ان الجواب واضح في التفاصيل التي وضعوها في تقريرهم.
– شركتا الإحصاء نجحتا، ولكن “ايبسوس” حصلت على علامة اعلى.
– لا مشكلة عندي. انا ملتزم بالتدقيق. ولكن ليقولوا لي كيف ينخفض عدد الأسر في لبنان؟ اذا لم يكن هناك مسح سكاني رسمي منذ العام 1932، لا يعني ذلك بأنه لا يوجد مصادر رسمية قي هذا المجال. ليس هناك دولة في العالم تجري احصاء كاملا سنويا. وتعمل شركات الإحصاء وفق الأرقام الرسمية.
– أنتم ممولون حسب اعترافك من محطتي “الجديد” و”ام تي في”، ما يدفع الى التشكيك بنزاهة عملكم؟
– في كل دول العالم، تمول محطات التلفزيون بنسبة 80 او 90 في المئة شركات الإحصاء. في لبنان ست محطات طلبت من “ايبسوس” عدم نشر ارقام تتعلق ببرامجها، وبعد اشهر عادت الشركة تنشر نسب المشاهدة في هذه المحطات ، تحت شعار حرية الرأي. اما “جي اف كي” فطلبت منها “ال بي سي اي” فقط عدم نشر نتائج تتعلق بها، اما الشركة فلا تلتزم بذلك منذ ثلاث سنوات. ولكن السؤال المطروح هو: كيف ان “ال بي سي اي” لا تدفع لنا وطلبت منا شطبها، ومع ذلك يتبين بأنها الرقم واحد، عبر إحصاءات “جي اف كي” في احيان كثيرة، (في حين ان هذه المكانة تحتلها احيانا “ام تي في” او “الجديد” بين وقت وآخر) الا يدل الامر على نزاهة الشركة؟! اقترح ان يوجه السؤال الى “ايبسوس” التي تظهر محطة واحدة في طليعة المشاهدة، منذ العام 1999 من دون انقطاع!
– تعترض على عمل “ايبسوس” اكثر من اعتراضك على عمل المدققين؟!
– المدققون انتقدوا “جي اف كي” لأنها اعتمدت في العينة منازل كثيرة تعتمد تلفزيونات بشاشات مسطحة، مما يفقد العينة التوازن. فقلنا لهم ان هذه التلفزيونات زاد اقتناؤها بين عامي 2013 و2014 بسبب متابعة التطور التكنولوجي. ومع ذلك أعطيناهم الحق بانه كان يجب علينا تحديث العينة في العام 2014. اما “ايبسوس” فتعتمد عدد أسر مغلوطا، وكذلك عدد أفراد الأسر، وعدد السكان لا يتغير ، ومصادر دراسات غير معروفة، ورغم ذلك تحصل على علامة اعلى! وأتساءل في هذا المجال كيف ان المدققين يتوقفون عند معيار الشاشات المسطحة، ولا يتوقفون عند عدم اعتماد “ايبسوس” المذهب على سبيل المثال، كأحد العناصر لتوزيع العينات، مشيرين الى انهم لا يعرفون اذا كان المذهب يؤثر على نسب المشاهدة ام لا. علما ان تأثيره على نسب المشاهدة، طبقا للتوزيع المناطقي، امر حتمي في لبنان!
غدا تنشر ” شاشات” حوارا مع مدير شركة “ايبسوس” ادوارد منان.
شاركنا النقاش