تُوفي النجم السينمائي الفرنسي آلان ديلون عن عمر ناهز 88 عاما، حسب ما أفاد أبناؤه الثلاثة صباح اليوم الأحد، بعد أن طلب قبل عامين إنهاء حياته عن طريق ما يُسمى “الموت الرحيم”، وتنظيم رحيله داخل أحد الأماكن المخصصة في سويسرا.
وقال الأبناء الثلاثة، في بيان مشترك اليوم، “إنّ آلان فابيان وأنوشكا وأنتوني يعلنون بعميق الحزن رحيل والدهم. لقد توفي بسلام داخل منزله في دوشي، محاطا بأولاده الثلاثة وعائلته التي تطلب منكم احترام خصوصيته، في لحظة الحداد المؤلمة هذه”.
وقبل عامين أبدى ديلون رغبته في إنهاء حياته بطريقة الموت الرحيم، بسبب عذابات المرض والشيخوخة، وسوء حالته الصحية، وتعرضه لجلطة دماغية مزدوجة في 2019، وعملية قلب مفتوح كادت أن تكلفه حياته.
طفولة مضطربة
وُلد ديلون واسمه الحقيقي آلان فابيان موريس مارسيل ديلون في ضاحية أوت دو سين بالعاصمة باريس، وعاش طفولة بائسة. لذا لم يكن ناجحاً دراسياً، بسبب عدم انضباطه وتمرده المتواصل الذي كلفه الفصل من مدرسة لأخرى، ويصف هو نفسه هذه الحالة قائلا “كنتُ وحشا صغيرا بالغ الشراسة”.
عمل ديلون في صباه وشبابه بمهنة زوج والدته الذي كان يدير محلا لبيع مشتقات اللحوم، ثم التحق بالجيش وهو في السابعة عشرة من عمره بعد حصوله على ترخيص من والديه، الأمر الذي ظل يؤثر فيه لأنه اعتبر ذلك محاولة منهما للتخلص منه بوصفه طفلا مزعجا.
الجندية
بعد عودته من المشاركة في حرب الهند الصينية عام 1954 باعتباره جندي مظلات ضمن الجيش الفرنسي، جرب ديلون العمل في وظائف متواضعة قبل أن يرصده المنتجون ليقدم عام 1957 أول أفلامه “أرسل امرأة عندما يفشل الشيطان”، وبعدها فيلم “روكو وإخوته” عام 1960.
برع ديلون في أدوار الجريمة على غرار فيلم “أي عدد يمكنه الفوز؟” 1963، ونال شهرة كبيرة بفيلم “الساموراي” سنة 1967، كما حقق نجاحا ساحقا في فيلم “بورسالينو” عام 1970. ونجح في أفلام المغامرات مثل فيلم التوليب الاسود 1964 وفيلم زورو 1975.
مغوي الشاشة
وفي تقرير لها عن الممثل الراحل قالت وكالة “فرانس برس” إن آلان ديلون “كان أعظم مغوي الشاشة في فرنسا. وبالنسبة للبعض، كان الرجل الأكثر جاذبية في القرن العشرين، والذي لعب دور القتلة المتقنين الذين اشتهروا بأفلام الموجة الجديدة في الستينيات”.
وأضافت الوكالة “بالنسبة للآخرين، كان الرجل الذي غالبا ما يشير إلى نفسه بضمير الغائب واعترف بصفع امرأة، شوفينيا أنانيا، حيث شعرت النسويات بالفزع من جائزة الإنجاز مدى الحياة، التي منحها له مهرجان كان السينمائي عام 2019”.
في مذكرة إلى ديلون خلال عيد ميلاده الثمانين، وصفته إحدى أقدم صديقاته، وهي أيقونة الستينيات بريجيت باردو، بأنه “نسر برأسين… الأفضل والأسوأ”.
وعلى الرغم من المشاعر المختلطة التي أثارها، قال مؤرخ الأفلام جان ميشيل فرودون إنه لم يكن لأي ممثل فرنسي آخر في نصف القرن الماضي “حضور مماثل على الشاشة”.
وصف الممثل الفرنسي فينسنت ليندون، الذي فاز بجائزة أفضل ممثل في “كان” عام 2015، مظهر ديلون بأنه “مثير للتأمل”، وقال لوكالة فرانس برس “يمكنك أن تنظر إلى صوره لساعات وساعات”.
لكن ديلون لم ينتقل حقا إلى هوليوود على الرغم من عدد متابعيه الضخم في الصين واليابان، الأمر الذي من شأنه أن يؤدي لاحقا إلى زيادة مبيعات علامته التجارية للعطور.
يميني
أبقته حياته الخاصة المعقدة في عناوين الأخبار، حيث لم يلعب دور الأشرار فحسب، بل ربطته علاقات معهم. فتم القبض عليه عام 1968 بعد العثور على حارسه الشخصي السابق ستيفان ماركوفيتش مقتولاً برصاصة في رقبته.
توقف ديلون فعليا عن السينما حوالي عام 2000، وظهر في الغالب على شاشة التلفزيون بعد ذلك، على الرغم من أنه أغري بالعودة إلى الشاشة الكبيرة للعب دور يوليوس قيصر في فيلم أستريكس عام 2008.
في السنوات اللاحقة، أصبح شخصية مثيرة للجدال بسبب دعمه للجبهة الوطنية اليمينية المتطرفة (التي أعيدت تسميتها لاحقا بالتجمع الوطني)، والتي وصف مؤسسها جان ماري لوبان بأنه “صديق عزيز”.
أثار المزيد من الجدل عام 2016 بالقفز للدفاع عن الوزيرة السابقة نادين مورانو التي أعلنت فرنسا “دولة بيضاء”. (الجزيرة.نت)
شاركنا النقاش