“الهيبة” يعيد بريقاً للسينما اللبنانية.. والإخراج أفضل من القصة

فاتن قبيسي|

بالإجمال، يمكن القول ان فيلم “الهيبة” (انطلق امس بعرض خاص للصحافيين)،  قدم قفزة كبيرة على مستوى صناعة السينما في لبنان، بعد فترة طويلة من الركود او المراوحة .

اما على مستوى التفاصيل، فيمكن ايراد جملة ملاحظات:

الفيلم الذي انطلق من اشارات معينة وردت في الجزء الخامس من مسلسل “الهيبة”، لجهة التمهيد لإحياء شخصية “الختيار” (رفيق علي احمد) بعد الاعتقاد بموتها، ولجهة التطرق الى “داعش” وتعاطيها مع مافيات أوروبية لنهب الآثار، صاغ حكاية معقولة من حيث الفكرة، ولكنها تعتمد على التبسيط في مفاصل معينة، من مثل طريقة هرب “جبل” ومن معه من الجيشين التركي والبلغاري على حدود البلدين.

في المقابل، يصب ثقل العمل على الإخراج. وهذا ما برع به سامر برقاوي، المخرج الذي فاجئنا بتطور مستوى عمله في الجزء الخامس، الذي شهد معارك واقتحامات وتفجيرات بتنفيذ اكثر احترافية من الاجزاء السابقة، وعلى نحو شبيه بالاكشن الاميركي في بعض الحلقات، ليكمل في الفيلم ما بدأه (في الجزء الخامس) وعلى نحو سينمائي صرف. فجرعة الاكشن كانت عالية، وقد نفذت مشاهدها بنقنيات جيدة. وبدا واضحا ان “الهيبة” كمسلسل متبوعاً بالفيلم قد اكسب برقاوي خبرة العمر مهنياً، من خلال تتبع درجات تطوره كمخرج من جزء الى آخر، وصولاً الى الفيلم.

من جهة ثانية، اعطى الفنان تيم حسن السينما متطلباتها من الحضور والأداء، بعيدا عن “الأوفرة”. كما تميز سعيد سرحان بأداء ناضج. وقدم الفيلم دورا اشبه بالتكريمي للفنانة منى واصف، فمشاهدها لا تتعدى الثلاثة، ولكنها مفصلية، لأن الحكاية تبدأ وتقفل معها. وبذلك استُعيض عن مساحة حضورها بالمغزى. اما شخصية ” زينة” (زينة مكي) فكان حضورها كماً ونوعاً مدروساً جدا، ولا يتطلب اكثر مما شاهدناه في متن الحكاية.

كما ان الإنتقال بين لبنان وتركيا وبلغاريا لتصوير الأحداث جاء لصالح الفيلم، ذلك لأن الإغناء البصري واللوجستي واللغوي يضيف رصيداً الى العمل ويوسع من انتشاره. بالاضافة الى مشاركة ملكة جمال أذربيجان نتالي سوكولفسكايا، والممثل التركي كنان جوبان في الفيلم  (شهير بـ”عبد الحي” في مسلسل “وادي الذئاب”)، الذي تميز بـ”سطوة” الحضور أمام “هيبة” البطل “جبل”.

الفيلم يركن الى انتاجية عالية، ذلك ان شركة “الصباح اخوان” التي لها باع طويل في عالم السينما، ارادت العودة اليها بما يعيد لها بعض بريقها، وذلك بعدما كانت في أوجها في السبعينيات والثمانينيات. ولعل “الهيبة” ادخل السينما اللبنانية في طور جديد بعيد عن الاستسهال، وخطوة محترفة في عالم الأكشن ستتبعها خطوات اخرى، بعدما دأبت الشاشة الكبيرة في لبنان خلال سنوات طويلة على تقديم أعمال، الكثير منها خفيف أو ضعيف، ولا يراعي متطلبات هذه الصناعة الكبيرة.

يذكر ان نجوم الفيلم والمنتج صادق الصباح والمخرج سامر برقاوي تواجدوا امس اثناء العرض الافتتاحي الخاص بالصحافيين، في “سينما سيتي” في وسط بيروت.

فيلم “الهيبة” بطولة تيم حسن، ومنى واصف، وزينة مكي، وناظم عيسى، ومحمد عقيل، وسعيد سرحان، ونقولا دانيال. انتاج “الصباح اخوان” للمنتج صادق الصباح. تأليف عصام أبو خالد وسعيد سرحان.

• يعرض حالياً في الصالات اللبنانية وفي صالات عدد من الدول العربية والاجنبية.