فاتن قبيسي|
تعرض قناة mbc4 ومنصة “شاهد” بالتزامن مسلسلي “سر” (اخراج مروان بركات) و”العودة” (اخراج ايلي السمعان). الملفت هو تقاطعهما في نقاط عدة: عنوانهما الجريمة والفساد والطابع البوليسي، بطلاهما محققان لدى الشرطة، والبطلتان متهمتان بجريمة قتل، والمحققان يتورطان بحبهما وهما اساسا غير منسجمين بعلاقة عاطفية سابقة…
ليس في هذه الصدفة ما يُدين بطبيعة الحال. مجرد تقاطعات. لا سيما وان العملين يقومان على التشويق والغموض. ويعتمدان تقنية “الفلاش باك”، في مشاهد يغلفها غالبا توتر وترقب.
ولكن رغم هذه التقاطعات، ثمة خصوصية لكل مسلسل، ترتكز على القصة اولا وعلى طريقة المعالجة ثانيا. وهما امران مختلفان جذريا في العملين. نجح “العودة” حيث أخفق “سر” في الايجاز. الاخير ظلمه التطويل والبطء في الاحداث، ولكن لن نتناوله هنا باسهاب قبل انتهاء حلقاته، التي تصل الى الستين. اما “العودة” فيمكن تناوله بعدما عرضت المحطة السعودية حلقته الاخيرة (رقمها 27).
يقوم “العودة” على حبكة موفقة. يحرّض المشاهد على التفكير والتكهن.. اكثر من متهم تدور حوله الدوائر، واحتمالات التنبوء مفتوحة. قصته تدور حول فتاة تتورط بجريمة قتل، ويشاركها رفيقاتها الاربع بدفن الجثة والتستر على الامر. يهرّبها والدها رئيس البلدية الى استراليا بطريقة مفاجئة. وبعد سنوات، يعمل ابن القتيل لارجاعها الى بلدها عبر حادث مدبّر لوالدها. ثم يقرر انتقاما لوالده “اصطياد” الصديقات الخمس، الواحدة تلو الآخرة. وهنا ينجح المحقق بانقاذ الفتاة الخامسة “نسيم” (دانييلا رحمة).
يجمع العمل بين الاكشن والقتل والرومانسية. يتبع خطا تشويقيا مدروساً، ويرسم الشبهات حول عدد من الشخصيات بطريقة متوزانة. قليلة جدا هي مشاهده التي لا تقول شيئاً. معظمها حمّال مواقف… وهو عمل لبناني، وصور المخرج ايلي السمعان مشاهده في بعض المناطق والطبيعة اللبنانية، والاهم انه تمكن من ادارة الممثل جيدا، سيما وان العمل البوليسي يُقرأ ايضا عبر لغة الجسد، كما تشهد بعض اللقطات على نظرة اخراجية مغايرة.
كذلك يًحسب لابطال العمل إجادتهم ادوارهم. فالعمل يسجل بالنسبة الى غالبيتهم خطوة الى الامام. منهم دانييلا رحمة التي نجحت في ازدواجيتها بين القاتلة تارة والضحية طورا، وكذلك وسام فارس في الازدواجية بين الرومانسية ونزعة الجريمة، ونيقولا معوض بأدائه البسيط والعميق في آن، الى جانب الاداء الاحترافي لرودريغ سليمان وليزا دبس ومجدي مشموشي… وغيرهم.
ولكن تبقى ملاحظة بشأن الخاتمة. كان الاجدر توقيف والد “نسيم حجار” (اسعد رشدان) لتكتمه عن الجريمة لسنوات، و”تهريب” ابنته القاتلة الى الخارج. هو ايضا متورط. ويجب ان يلاحق قضائيا، الامر الذي لم يُراعَ في العمل. كذلك، كرر “يوسف” (ايهاب شعبان) مرارا انه مجروح لأن خطيبته السابقة “نسيم” تركته وسافرت فجأة من دون توديعه. في حين ان الاحداث تكشف ان “نسيم” كانت انهت علاقتها بـ”يوسف” في فترة سابقة، ودخلت في علاقة جديدة مع “بلال زيدان”، وهي التي اوصلتها الى ارتكاب جريمتها والسفر فجأة.
وبالاجمال، “العودة” عمل يستحق المشاهدة، ويساهم في انعاش الدراما اللبنانية.
- “العودة” (من انتاج “ايغل فيلمز”)، قصة رائد ابو عجرم، معالجة درامية طارق سويد. شارك فيه ايضا كل من: رنين مطر، ايهاب شعبان، ايلي متري، ريم خوري، اسعد رشدان، نغم ابو شديد، رانيا عيسى، اندريه ناكوزي، وسام صباغ، شربل زيادة، وساشا دحدوح وغيرهم.
شاركنا النقاش