[sam_zone id=1]

فاتن قبيسي|

مع بلوغ شهر رمضان منتصفه، يحافظ مسلسل “دقيقة صمت” على قوته. لم يدخل في مجال الحشو والحوارات المجانية. تحافظ الأحداث على ايقاعها. عمل أحكم الكاتب سامر رضوان قبضته فيه على زمام الكتابة. نص متماسك، متين، حمّال مفاجآت، يحرّض على المشاهدة، ويثير الأسئلة.

الحلقة الاولى بدأت بذروة الحدث، مع تهريب المحكوميْن بالإعدام: أمير ناصر ( عابد فهد) وأدهم منصور (فادي ابو سمرا) الى خارج السجن، بنية اعدام شخصين آخرين بديلا عنهما. وتتابع الأحداث صعودا. ثمة جرأة في الكشف عن أجهزة الفساد المستشرية في الدولة، يبدأ من فوق ليصل الى موظفين في ادارة السجون، او الى سجناء يتم استغلالهم لتحقيق مآرب النافذين. “راغب بيك” (فايز قزق) يمكن ان يجسد في الواقع شخصية وزير داخلية، او رئيس فرع مخابرات في احسن الاحوال.. يخشى وفريقه من افتضاح امرهم، فيتورطون بمزيد من الجرائم لإخفاء كل من يمتلك دليلا ضدهم.

والكاتب رضوان الذي يدأب على كشف “الكبار” وخوض المحظور في اعماله، من ملفات فساد وتهريب وقمع المواطن، من مثل “لعنة الطين”، والولادة من الخاصرة”، تُحسب له جرأته في التناول الجديد في هذا الوقت بالذات، كما يحسب للرقيب في سوريا خروج العمل الى النور. سيما وأنه يتردد بأن العمل حصل على موافقة الأمن الوطني.

لكن ثمة اشكالية: “امير ناصر” قاتل. ومع ذلك يشعر المشاهد بالتعاطف معه، وفي ذلك خطورة! صوّرته الأحداث على انه قتل من اجل نصرة امرأة مظلومة، ربما اريد من هذه الخلفية الانسانية التغطية على جرم، بل جرمين. اذا انه قتل ابني “مدير الناحية” ولم يكتف باحدهما الذي تسبب في اذية المرأة المظلومة. على الاقل واحد من الاثنين بريء. ثمة مغالاة، لكنه أراد رد الصاع صاعين. وهذا ليس منطقيا بالنظر الى طبيعة سير الاشكال الذي بدأ بينه وبين “مدير الناحية”، والمراحل التي مر بها من عمليات خطف متبادلة وغيرها.

جريمة مزدوجة، ولا شيء يبرر القتل، وعن سابق إصرار وتصميم، بما فيها الدوافع الانسانية او الثأرية. لكن “امير” يظهر كضحية وبطل في آن. على الاقل هذا ما يشعر به المشاهد حتى الآن، في مقابل دولة ممثلة بضباط هم عبارة عن عصابة. لن نناقش هنا مفهوم الدولة بالمطلق وضرورة الاحتكام اليها لمنع سيادة شريعة الغاب، ليس هذا موضوعنا، بل نشير فقط الى خطورة التعاطف مع القاتل، من حيث المبدأ.

نقول ذلك، ولا نستبق الاحداث. قد يكون كل ما ورد مجرد توطئة لفضح اجهزة الفساد. وما يجزم ذلك هو نهاية منطقية منتظرة. لذلك فاننا نطرح هذه الاشكالية كأسئلة مشروعة، ولا نحاكم العمل قبل الوصول الى خاتمته.

وبانتظار ما ستحمله الحلقات المقبلة من “دقيقة صمت”، (انتاج شركة “الصباح اخوان” و”ايبلا”) يوجه مسلسل المخرج شوقي الماجري رسائل مهمة جدا، ويقوم على حبكة تصاعدية تشويقية، يؤازرها الأداء التمثيلي، بدءا من البارع عابد فهد. وتسجل ستيفاني صليبا حضورها في العمل، فنقلها فنياً من مرحلة الى أخرى متقدمة. فادي صبيح أحد أعمدة المسلسل. خالد القيش أجاد بأدائه مستغلا فرصة كان يستحق مثلها منذ سنوات. رنا شميس محترفة الادوار الصعبة. اندريه سكاف واقعي بأدائه حتى العظم، وأياد ابو الشامات قدم أفضل ادواره…

“دقيقة صمت” تعرضه قناة “الجديد” في العاشرة والنصف مساء
“ابو ظبي” في الواحدة صباحا.
“ابو ظبي دراما” في التاسعة مساء.

في هذا المقال

شاركنا النقاش