[sam_zone id=1]

آمنة ملحم|

على مدى حلقتين شهريا، تجوب الاعلامية ريميال نعمة بلدان عدة حاملة حكايات متنوعة للبنانيين في عالم الاغتراب، ناقلة الملامح العامة لحياتهم عبر نماذج تطرحها على لسان ضيوف تختارهم بعناية، من خلال برنامجها “اسكال /لبنان بالدني” الذي ندرته للتحليق في فلك الاغتراب، من خلال شاشةotv ، ليكون من ابناء لبنان واليهم.

البرنامج الذي يعكس الجوانب المضيئة من حياة المغتربين اللبنانيين، وثقافة المغترب اللبناني أينما حل، هو
أقرب الى الوثائقي بطرحه الممزوج بعفوية وثقافة معدته ومقدمته نعمة. واختيار تخصصه لم يكن محض صدفة، بل جاء من لهفة تحملها نعمة لمعرفة قصص الناس أينما حلت، ومن عاطفة تكنها لبلدها لبنان الذي خيب آمالها كثيرا، نتيجة فساد الإدارات وعدم المواطنة الذي تلمسه.

وتقول نعمة في حديثها ل”شاشات” في هذا المجال: لبنان عاش بعد الحرب حربا جديدة من الفساد، وتبدلت المقاييس والقيم، فوجدت بالاغتراب حاجة لبناء صورة أخرى عن لبنان. فالمغترب اللبناني ناجح ومتفوق، ومن أكثر الجاليات تأقلما بالمجتمعات التي يعيش فيها، ففيهم ترى لبنان الذي تحب رؤيته في الداخل قبل الخارج.

ريميال 1

وانطلاقا من هذه الرؤية، انغمست نعمة بعالم الاغتراب وتناولته في محطات عملها المتعددة سواء في الإذاعة أو كرئيسة تحرير لمجلة “المغترب”، ومن ثم كمسؤولة عن ملفات الاغتراب في جريدة “السفير”، بدءا من تاريخ بدء هجرة المغتربين ومستويات حياتهم السياسية والثقافية، وصولا الى التحديات التي تواجههم مع نجاحاتهم واخفاقاتهم ورسائلهم الى الوطن. ثم كانت محطتها التلفزيونية الاخيرة مع برنامج “اسكال” عبر otv.

وعن المعايير التي تضعها لاختيار بلد الاغتراب وضيوف حلقاتها، تعود نعمة الى البدايات عندما كانت تواكب مؤتمرات الطاقة مع الوزير المعني، من خلال عملها في جريدة “السفير”، حيث رصدت طاقات لبنانية في الخارج، فبدأت الرحلة من محطات تعرفها سابقا ومن ثم تطورت الأمور. وباتت الجاليات تتواصل مع البرنامج وتدعوها لرصد تجاربهم. أما الضيوف فاختيارهم يتم وفق تسلسل فقرات البرنامج والاحداث، مؤكدة حرصها على استضافة شخصيات “عتيقة” في الاغتراب إلى جانب الدبلوماسيين، وكذلك شخصيات شابة وجديدة على الاغتراب، وللشق الابداعي والثقافي والطبي حيز للاضاءة على لبنانيين برعوا ونجحوا في هذا المجال.

ولا تخف نعمة بأن فقرة “بورتريه” تخصص احيانا للبعض ممن هم داعمون ورعاة للبرنامج، ويحملون حكايات تأخذ مساحة منه، ولكن ضمن إطار المنظومة العامة له. كما انها تسلط الضوء احيانا اخرى عبر “بورتريه” على أشخاص لهم انجازاتهم من غير الرعاة مثل “عدنان البكري” الشاب اللبناني في فرنسا، الذي لم تلتق به سوى مرة واحدة، فالأرض أحيانا تفرض ضيوفها.

ريميال 2

ويبدو الجو العام للبرنامج أقرب لاعطاء صورة ايجابية عن المغتربين، لكن نعمة ترفض تلك النظرة وتعتبر الواقعية هي الطاغية على البرنامج أكثر من الإيجابية. وترى من رحلتها الطويلة في عالم الاغتراب اللبناني أنه لا وجود لمشاكل حقيقية فيه، بل هي مشاكل سطحية من وجهة نظرها. وفي كل حلقة من برنامجها تطل على بعض الهواجس كمسألة الهوية ومطالب المغتربين من بلدهم لبنان، وقد رصدت في بعض حلقاتها المشاكل والضغوطات التي مورست على اللبنانيين في أميركا بعد أحداث 11 ايول (سبتمبر). وفي فقرة “بورتريه” لا تلمّع الصورة كليا، بل تطرح هواجس صاحبه ورسائله.

ولكن نعمة تتمنى “إلقاء الضوء على مشاكل اللبنانيين في بلاد اخرى ايضا مثل “ساحل العاج”، فهناك أناس كثر ليسوا أصحاب ثروات ولم تقدم لهم الغربة الكثير، ولكنهم تحفظوا على حكاياتهم واحترمت شخصيا رغباتهم”. وتضيف: “كثير من الناس عبروا بدموعهم في البرنامج، ووجهوا رسائل مؤثرة للوطن”.

وعن الداعم المادي الاساسي للبرنامج، تقول نعمة في كل رحلة تقوم بها، يكون لديها هم مادي لتأمين تكاليف الحلقات في ظل غياب الرعاية لهذا النوع من البرامج من قبل الجهات الاقتصادية في لبنان، ليبقى المغترب هو الداعم والمساهم بإنتاج البرنامج، من رجال الأعمال وغيرهم. اما قناة otv فتؤمن الدعم بقدر إمكانياتها، وتعبتر نعمة نفسها مدللة القناة التي تحترم تجربتها ونشاطها وتفخر ببرنامجها. وتعود وتستدرك بقولها بأن التمويل المتوفر يغطي المصاريف والأجور، وفي بعض الحلقات لا تتوفر حتى تلك الأجور.

ريميال 3

أما عن ردة فعل الجمهور ازاء البرنامج بموسمه الأول، فتوضح نعمة بأنها رصدت ردات فعل كبيرة، ولكنها كانت قليلة، فلم تكن نسبة المشاهدة عالية في البداية، ولكنها مع الوقت ارتفعت بشكل ملحوظ بعد تلمس الجمهور جدية طرحه واختلافه عن باقي البرامج من النمط نفسه. فالموسم الأول نجح ومن ثم كانت الاستمرارية مع الموسم الثاني، ومعه تضاعف عدد المشاهدات على “يوتيوب” لتصل إلى 44 ألف مشاهدة خلال الأسبوع الأول لعرض الحلقة، وهذه سابقة في تاريخ البرامج الاغترابية.

ومع هذا الشغف والمتابعة تؤكد نعمة استمرارية البرنامج، مشيرة الى أن الفعاليات الاقتصادية مؤخرا بدأت تلتفت له لجديته وضرورته لرصد الاغتراب. ورجال أعمال مغتربون يجهدون اليوم ليبقى البرنامج منطلقا في موسم آخر وحلقات جديدة ستنطلق قريبا.

ويرافق نعمة في برنامجها “اسكال /لبنان بالدني” صورة ينقلها المخرج إيلي فواز بعين حريصة تعكس أبهى معالم بلاد الاغتراب، بعدسة ذكية تلتقط تفاصيل حضارات وثقافات ممتدة في مختلف أصقاع المعمورة.

في هذا المقال

شاركنا النقاش