[sam_zone id=1]

هكذا نتفاخر بالطفلة التي تحترف النارجيلة!

بيروت | فاتن قبيسي

انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي في الأيام الاخيرة، فيديو لا نبالغ إطلاقا اذا وصفناه بالخطير. الطفولة من جديد عرضة للأذية الصحية والمعنوية. والجناة هذه المرة هم الاهل!

ليس سهلا ان تشاهد طفلة يتراوح عمرها بين الثالثة والرابعة- حتى ان نطقها غير واضح نظرا لصغرها- تجلس على اريكة وتدخن النارجيلة باحتراف الكبار!

انها”هواية” الام التي تستلذّ بلعبة الكر والفر التي تمارسها مع طفلتها. فتعطيها النارجيلة ثم تسحبها من يدها، لتستعرض في كل مرة ردة فعل الطفلة التي تدخل في نوبة بكاء وهي تطالب بهذه الآفة الصحية. فهي ببساطة تثور وتخبط يديها بقوة وتهز ركبتيها قائلة: “ماما عطيني اركيلة”!

وعندما تصل الى يدها، تفاجئك وهي تمسك “نبريش” النارجيلة من وسطه كمحترفة تعودت على فعلتها منذ فترة. ونفتح اعيننا جيدا ونحن نشاهد كيف تُخرج الدخان من فمها وانفها بانسيابية  كبيرة، يعجز بعض الكبار على نفثه بهذه الطريقة المتمكنة!

ولأنه اريد للطفلة ان تعيش الدٓور كاملا، لُف على شعرها منديل بأسلوب يذكرنا بهيئة “المعلمة” (كما تُنطق باللهجة المصرية) التي تدير ابناء الحي. واذا حدث ان اقترب منها احد تصرخ غاضبة “بعدي” (اي ابعدي) ، بما لا يعكر عليها صفو اللحظة!

كل ذلك والام مزهوة بما صنعت يداها. فنسمعها تغني على إيقاع اغنية متلذذة بنجاح طفلتها في الاختبار، على مرأى من الكاميرا. فيما يأتي صوت امرأة اخرى مناديا الطفلة “عايشة، عايشة” ومهنئاً اياها بقولها: “الله محييّ الخلف”!

مقطع فيديو قصير يحمل في دلالاته الدرك الذي وصل اليه البعض في لبنان. كنا نعتقد ان الهواتف الذكية التي غزت العالم تهدد اطفالنا ممن أدمنوا استخدامها. لم نكن ننتبه الى ان النارجيلة ايضا التي انتشرت بقوة في السنوات الاخيرة في لبنان وبعض البلدان العربية، ستكون مصدر تهديد كبير ايضا لاطفالنا. وكذلك مواقع التواصل الاجتماعي. اذا انه لا شك ان غرض الام من تصوير الفيديو هو اولا وأخيرا كسب اكبر قدر من “اللايك” على المنصات الاجتماعية.

هكذا نتعامل مع كل “موضة” تتنتشر في بلادنا.. بلا اي تعقل او دراية!
انه تخلف وتعدٍ على الطفولة وبراءتها.. ومن المؤسف جدا ان تختلط مشاعر المشاهد بين الشفقة على الطفلة التي تتعرض رئتيها للخطر من ناحية، وبين النفور “اللاواعي” تجاهها من ناحية اخرى، نتيجة الشعور بتخطيها معاني الطفولة، فيما هي في الواقع مجرد ضحية.. لا اكثر ! شعوران كلاهما..  لا يسرّ إطلاقا!

من قال ان تعنيف الأطفال يكون بالضرب وحده؟ اليست الأذية الصحية والمعنوية والنفسية هي ضرب ايضا من ضروب التعنيف؟ ربما. ولكن الاكيد ان هذه الطفلة البريئة بحاجة الى إنقاذ، لأنها اذا استمرت على ما هي عليه، هي حتماً سائرة على طريق الادمان!

في هذا المقال

شاركنا النقاش