بيروت | فاتن قبيسي |
نعم.. رامز تحت الارض! انه ليس عنوان برنامج المقالب الرمضاني فحسب، بل انه يعبّر فعلاً عن واقع الحال. رامز جلال ينحدر مستواه الى “تحت”، عبر استدراجه للضيوف، واستهزائه بهم، والنيل منهم، متسبباً لهم بحالة هلع نفسي وعصبي، يصعب محو انعكاساتها الصحية مع الوقت!
كم يصبح قاسيا في زمن الضغوط والصراعات والارهاب، وفي زمن نشهد فيه تفنناً بجرائم القتل والتعنيف على انواعه، ان يتحفنا برنامج، مهمته تعذيب وترويع الضيوف. وكأن أفكار البرامج نضبت. صغيرة هي الفسحة الكوميدية على محطاتنا العربية. فالترويع يغدو اهم من الترفيه .والمعضلة الفعلية هي ان القيمين على البرنامج يَرَوْن فيه على الأرجح مساحة لإضحاك المشاهد وتسليته!
ملايين عدة من الدولارات تبلغ كلفة البرنامج. يمارس فيه رامز جلال سادية ومازوشية في آن. يستلذ بوقوع “الفريسة” في الكثبان المتحركة، مهاجماً إياها بهيئة سحلية ضخمة. ويعلو منسوب المتعة لديه كلما عانت الفريسة وانهارت. ويدعم ساديته المفرطة بتعليقات تحط من قدر الضيف. ثم بعد انكشاف المقلب، تنقلب الأدوار، فيذل رامز نفسه امام الضيف الثائر، راجياً إياه مسامحته، فيما يتلقى كيلاً من الضرب والركل، والاهانات والشتائم، من مثل “انت شيطان”، و”بكرهك”..
هذا في الظاهر. اما في الكواليس، فاذا كان الضيف متواطئاً مع البرنامج، في ظل اغراء المال، فانه يصبح مجرد ممثل، وليس ضحيةً للمقلب، بل ان المشاهد يصبح وحده ضحية مقلب مزدوج! وبما انهم ليسوا قلة هم المشاهدون القادرون على رصد ذلك التواطوء، فذلك يضرب مصداقية البرنامج، وبالتالي تفقد المشاهدة حتماً متعتها. وحتى لو لم يكن بعض الضيوف متواطئا، فان تورط البعض الآخر يحوّل كل ضيف الى متهم الى ان يثبت العكس!
حال “رامز تحت الارض” هو حال برامج مماثلة قدمها سابقا كل من رامز جلال والممثل هاني رمزي، من مثل: “رامز بيلعب بالنار”، و”رمزي في الأدغال” الذين عرضا في العام الماضي. برامج لاانسانية بالمطلق، مهما بلغت عائداتها الإعلانية ونسبة مشاهدتها. ولكن الجديد هذا العام، هو مشاركة مقدم البرامج نيشان في اللعبة. وهي مشاركة غير مشجعة بالطبع. فالنص الاستهلالي للبرنامج، يصف نيشان بمجرد قطعة “جبنة رومي” لاصطياد الضيف. وهي مكانة يفترض الا تليق بصاحب الخبرة الإعلامية الطويلة. كما تسببت له بتوتر علاقاته مع بعض الفنانين والاعلاميين، ممن كان يحاول اصطيادهم للبرنامج، كزميله طوني خليفة والفنانين فيفي عبده، ونانسي عجرم وأصالة…
غير ان الأكثر ايلاما هو تصريح نيشان في برنامج “مجموعة إنسان” عبر قناة “ام بي سي” بأمرين غير مقنعين بتاتاً. الاول انه كان يستدرج بعض الضيوف -ممن دعاهم شخصيا- الى البرنامج، بنية تنفيذ حلقات “استثنائية” بعيدا عن المقالب. والثاني هو ان فضائيتين مصريتين قدمتا له عرضين هذا العام، لكنه رفضهما ليشارك في برنامج رامز جلال، مفضلا النجاح الجماعي على النجاح الفردي. الهذا الحد يملك هذا الاعلامي خاصية نكران الذات؟!
لا نتوقع ان نشاهد جلال في برنامج مماثل في رمضان المقبل. فقد اصبحت وسائله الاستدراجية مكشوفة، وبات من الاصعب صيد “الفأر”، الوصف الذي أطلقه البرنامج على الضيف -ربما تقديرا له- لذا كانت غالبية “فئرانه” هذا الموسم من الصف الثاني. فالنجوم كانوا قلة.
ولعل اغنية “جنيريك” البرنامج الطافحة بالتهديد والوعيد، تشكل اداة إضافية من أدوات التعنيف. ومما ورد فيها: “مش ح ارحمكم، مش ح اعدمكم (..) طول ما انا عايش فوق الدنيا ح تشوفوا الويل (..) للأذية سيبوني، مالكم ومالي (..) مين بالأذى يقدر ينافسني، انا بالشر تاريخي كبير”!
ورغم ان الأغنية تأتي في اطار كوميدي استعراضي، الا ان التباهي بالشروالاذية هو.. شر البلية..!
شاركنا النقاش