[sam_zone id=1]

ماهر منصور|

سنوات طويلة تعرفنا خلالها على الفنان ناصر القصبي، بوصفه من نجوم الصف الأول القلائل في الخليج، ممن يهوون اللعب الفني مع الآخرين. إلا أن تجربته في كوميديا “سيلفي”، أثبتت أنه كلما لعب وحده، حلق عالياً ورجع إلينا راضياً بما أوتي، ورضينا، نحن المشاهدون، بما أتانا.

كان عقد الشراكة بين الفنان القصبي والفنان عبد الله السدحان انفض منذ انتهاء عرض الجزء الثامن عشر من المسلسل الشهير “طاش ما طاش”، على قناة “ام بي سي” في رمضان 2011. وكان السؤال الملح وقتها عما يمكن أن ينجزه كل واحد من شريكي السنوات الطويلة بعيداً عن الآخر. راح السدحان ينتج ويؤدي أدوار البطولة في أكثر من مسلسل، إلا أن أعماله ظلت بلا أثر يذكر، إذ ما قيست بحضوره في “طاش ما طاش”.

أما ناصر القصبي فحصد نجاحاً من إطلالته التلفزيونية كعضو لجنة تحكيم في برنامج “أرابز غوت تالنت” على “إم بي سي 4”. في حين اقتصر حضوره الدرامي بعد ثلاث سنوات من فض شراكة “طاش” على مسلسل واحد، هو كوميديا “أبو الملايين” إلى جانب الفنان عبد الحسين عبد الرضا، بعد أن اختار ألا يلعب وحيداً كما فعل شريكه السدحان.

اللعب مع الآخرين الذي أصر عليه ناصر القصبي بعد “طاش ما طاش” أضرّ به مرتين. في المرة الأولى حين جاء “أبو الملايين” أقل من المتوقع. وفي المرة الثانية حين اختار القصبي استمرار ثنائيته مع الفنان عبد الحسين عبد الرضا في عمل ثان يطل عبره في الموسم الرمضاني 2014. وقد تأجل هذا العمل لعدم اكتمال النص بشكل نهائي. وتبين لنا أن الفنان عبد الرضا كان لديه خطة بديلة، حين انفرد وحيداً ببطولة مسلسل جديد هو “العافور”. في وقت بدا القصبي مخلصاً تماماً لفكرة اللعب مع شريكه الجديد، بلا خطة بديلة أسوة بالآخرين. فدفع ضريبة ذلك غيابه مجدداً عن المشهد الدرامي في العام 2014. غياب بدا كأنه ثمن إصراره على التمسك بالبطولات الجماعية، في زمن يحلم فيه الآخرون ببريق النجم الأوحد.

عاد ناصر القصبي ليعوض غيابه في رمضان 2015 ، عبر المسلسل الكوميدي الناقد “سيلْفي”، الذي جمع نخبة من نجوم الكوميديا السعودية والخليجية،على شاشة “إم بي سي”. وسلط الضوء بأسلوب نقدي ساخر على عدد من أبرز القضايا والمشكلات الاجتماعية الملحّة.

وما كنا نعتقده، وكشف عنه مسلسل “سيلفي”، أن ناصر القصبي مثل رياضي ألعاب القوى، الذين يجيدون العدو والرمي والقفز في آن معاً. وهذا ما يميزه عن كثير من نجوم الخليج. فهو فنان مثقف يجيد مهارة انتقاء النص والتعبير عنه، والانسجام مع مشاهديه. إلا أن القصبي يبدو أحياناً كما لو أنه يجهل ذلك، أو يتجاهله عمداً، بدليل أنه تأخر بالخروج بعمل درامي وحيداً، واختار في المقابل أن يضع خبراته طواعية في خدمة الجماعة، كفرد فيها لا قائد لها، كما يفعل سواه، رغم أنه يتمتع بصفات الفنان التي تؤهله ليكون ربان سفينة يعي جيدا أن قيادة السفينة لا يعني تحريكها، من دون جهود أفراد طاقهما.

ربانٌ السفينة بهذا الفهم هو ما نريده للدراما الخليجية، في ظل إصرار كثير من نجومها على البطولات المطلقة على حساب تراجع البطولة الجماعية فيها. وقد جاءت كوميديا “سيلفي” بأجزائه الثلاثة لتؤكد ما نرمي إليه، حيث نجح ناصر القصبي بإخراج المسلسل الخليجي من دائرة الأفكار التقليدية نحو ملامسة الواقع المجتمعي الخليجي والعربي الحار واليومي، كما كان يفعلها من قبل “طاش ما طاش”، في وقت فشلت في ذلك عشرات الأعمال الخليجية التي اعتمدت أسلوب “طاش” الاجتماعي الانتقادي الساخر ذاته، كونها قدمت ما تراه هي واقعاً، وفق تصوارتها الخاصة وتحت سقف الرقابة الرسمية والاجتماعية، فجاءت بمضمون متجمل، لا يلامس من الواقع إلا ظاهره.

في هذا المقال

شاركنا النقاش