فاتن قبيسي|
أفرحت فرقة “مياس” قلوب الكثير من اللبنانيين المقيمين والمغتربين، بتحقيقها الفوز المدوّي في البرنامج العالمي “أميركا غوت تالنت” في موسمه السابع عشر.
خاضت الفرقة اللبنانية المنافسة في البرنامج الشهير تحت شعار “كرمالك يا لبنان” ، وفعلاً تمكنت من حصد اللقب بما يعيد بعداً حضارياً وفنياً وثقافياً لصورة لبنان، الغارق في أزماته اليوم.
لحظة اعلان النتائج فجر اليوم الخميس كانت تمر على ايقاع التصويت ودقات القلوب وشغف الترقب. ووسط إطلاق ألعاب نارية احتفالية وتصفيق حار وهيصات الجماهير التي حضرت في الأستوديو، تم الإعلان عن فوز الفرقة اللبنانية وجائزة مالية قدرها مليون دولار، بجدارة.
تميزت عروض “مياس” خلال مراحل المنافسة بتكامل عناصر الإبداع، إن لناحية الفكرة أساساً، او لناحية تنفيذها، سواء من حيث تصميم الرقصات والملابس والاكسسوارت، وصولا الى المقطوعات الموسيقية، التي وضعها ايضا شاب لبناني موهوب، وهي مقطوعات رغم قصرها تنم عن روح خلّاقة تُخرج من أجساد الراقصات وروحهن افضل ما لديهن. ولم يكن مفاجئاً نيل الفرقة البازر الذهبي في احدى الحلقات، من قبل الممثلة الشهيرة وعضو لجنة الحكام صوفيا فيرغارا.
الفرقة اللبنانية التي سبقت بلدان عدة بفوز مستحق، شغلتنا كلبنانيين مؤخراً بقصتها التي تحمل الجمال والابهار، نأت بنا عن هموم يومية مقيتة. كنا نعيش الترقب كمن يبحث عن نقطة ضوء في مكان معتم، عمن يطمئننا بأن لبنان ما زال بخير من خلال ثروته البشرية. تمكنت “مياس” فعلاً لا قولاً من رفع إسم لبنان عاليا ، تلك العبارة التي اعادت لها الفرقة مضمونها الحقيقي، بعدما تحولت في مناسبات كثيرة الى شعارات فارغة وممجوجة.
ولعل لقب “أميركا غوت تالنت” يحمل في طياته اكثر من فوز.. انه الإنتصار اولاً على ظروف لم تكن مؤاتية في البلد الأم للتدريبات اللوجستية وتحضيرات المشاركة في البرنامج المذكور. يقول مؤسس فرقة “مياس” نديم شرفان في حديث لصحيفة “النهار”: “لم يكن مشوار الفرقة سهلا في لبنان، فالأزمات المتتالية كان لها أثر عليها من ناحية انقطاع الكهرباء، وتوقف الإضاءة في أثناء التحضيرات. كذلك، أزمة البنزين حدت من وصول الـ37 راقصة إلى أماكن التدريب، خصوصا اللواتي يسكنّ في أماكن بعيدة.. ولكن تغاضينا عن كل شيء لشغفنا بالرقص وحبنا للبنان”.
وهكذا تمكن نديم شرفان، مصمم الاستعراضات، من تقديم ما هو خارج عن المألوف في الصورة والايقاع، حوّل اجساد الراقصات الى لوحات فنية تبهر العين وتسعد القلب. وشرفان الذي تأثر بطفولته بالفنانة المصرية الكبيرة شيريهان وفوازيرها، خلق لنفسه عالما أرحب بعالم الاستعراض، متكأً الى حس التطوير وروح العصرنة مغلفيْن بالنفَس الشرقي.
هكذا انطلق ذلك الشاب- النابض بروح الابتكار- من لبنان، وتأثر بمصر، ليعبر منهما الى العالمية.
كم كان فوز “مياس” في برنامج “اميركا غوت تالنت” جميلاً، وعابقاً بالفرح، الذي يحتاجه لبنانيون كثر، في وطن لم تعد فيه ادنى مقومات الفرح.
شاركنا النقاش