الصباح: “ضد التطبيع وضد الحظر”
في ظل الجدل الكبير الذي اثاره فيلم “The Post” في لبنان، بين مطالبين بعدم عرضه بسبب تأييد مخرجه ستيفن سبيلبيرغ للعدو الصهيوني، وبين معارضين لهذا المطلب، عقد أصحاب دور العرض ومُوزّعو الأفلام السينمائيّة مؤتمرا صحافيا اليوم في نقابة الصحافة، ناقشوا خلاله المطالبة بمنع عرض الفيلم في لبنان، وسبل دعم القطاع السينمائيّ لما لهذا القطاع من تأثير على الإقتصاد اللبنانيّ.
حضر المؤتمر رئيس مجلس إدارة شركة “صبّاح للإعلام” ونائب رئيس نقابة مُنتجي ومُوزّعي ومُستوردي الأشرطة السينمائيّة والتلفزيونيّة في لبنان صادق الصبّاح، ومُديرعام “إيطاليا فيلم” كارلو فنشنتي، ورئيس مجلس إدارة شركة “سينما سيتي” حمّاد أتاسي، ونائب رئيس شركة “أمبير إنترناشيونال” ماريو جونيور حدّاد، ومُستشار نقابة مُنتجي ومُوزّعي ومُستوردي الأشرطة السينمائيّة والتلفزيونيّة في لبنان سليم حدّاد، وعدد من الاعلاميين.
بعد النشيد الوطني، لفتت المُستشارة الإعلاميّة لشركة “صبّاح للإعلام” إليان الحاج الى أنّ المؤتمر عُقد لنقاش منع عرض فيلم “The Post” من منظور فنيّ سينمائيّ وإقتصاديّ بحت.
وتحدث المُنتج صادق الصبّاح فأشار الى أنّ النقاش سيدور من مُنطلق بعيد عن السياسة، لأنّ المعنيّين، وهم رجال أعمال ومُنتجون فنيّون، ليسوا مُخوّلين للحديث من مُنطلق سياسيّ.
وأكّد الصبّاح “أنّ فيلم “The Post”يروي قصّة ناشرة صُحف تتعاون مع مُحرّر لنشر وثائق سريّة في عهد ريتشارد نيكسون، والوثائق هي لمُمارسات الولايات المتّحدة في حرب فييتنام .
اي أنّ مضمونه كما قال وزير الداخليّة اللبنانيّ يتعلّق حصراً بحرب فييتنام، ولا علاقة له بالنزاع مع العدوّ الإسرائيلي”.
وأردف :”لا شكّ أنّ السينما هي سلاح مؤثرٌ سرعان ما إستخدمه اللوبي الصُهيونيّ، أو غيره من المُروّجين للعنف والقتل، لغزو مُجتمعاتنا والتأثير في ثقافتنا وتزوير تاريخنا. فقدّموا آلاف الأفلام التي تضمّنت رموزاً ورسائل تخدم خططهم ومشاريعهم”.
وإعتبر أنّ حدود الموضوع المطروح هنا وحيثيّاته لا تتعلّق بهذا الأمر، ففيلم “The Post” صُنّف أفضل فيلم عن معركة الصحافة ضدّ السلطة، في وقت تواجه الصحافة في الولايات المتحدة الأميركيّة هجوماً وتُوصف بالكاذبة.
وشدّد على إنّ مُقاومتنا لإسرائيل وللتطبيع تتطلّب لغة جديدة مبنيّة على الوعي. وقال: “هنا أسأل هل إستخدام لقاح شلل الأطفال، أو إعتماد علاج غسيل الكلى أو دواء اللوكيميا “سرطان الدم” هو تطبيع؟؟؟ أمور كثيرة تدخل في يوميّاتنا نستخدمها ولا نعرف تاريخها ؟؟ ولا نعرف أنّ براءة إختراعها مُسجلّة بأسماء يهوديّة.”
و أكّد على ضرورة رفض التطبيع بوعي وإدراك ومسؤوليّة، مُشيراً الى أنّ “لدينا من القدرة على المُقاومة الثقافيّة والفكريّة ومعرفتنا لتاريخنا ما يكفي لمُقاومة إسرائيل وهزيمتها”.
و قال الصباح: لو أنّ فيلم “The Post” مُوقّعاً بإسم شركة إنتاج إسرائيليّة، أو مُخرجه إسرائيليّ الجنسيّة، أو يحمل رسالة مُباشرة أو غير مُباشرة تدعو للتطبيع أو لأيّ موضوع يُشكّل خطراً على مُجتمعنا، لكنّا أوّل من دعم إيقافه.
وختم: “من واجبنا اليوم وضمن إطار إحترام القانون، دعم قطاعاتنا الفنيّة لتبقى ثقافة الحريّة رمزاً للبنان و ليبقى هذا القطاع أحد أعمدة الإقتصاد اللبنانيّ الأساسيّة. ولأنّ الفن هو إبن الوعي، فالحريّة في الفنّ لن تكون يوماً دعوة للرضوخ لسياسة التطبيع”.
وخلال النقاش سُجّلت العديد من المواقف، فشدّد الصباح أكثر من مرّة على إحترام المقاومة وشهدائها، واعتبر أنّها كانت سياجاً إلى جانب الجيش اللبنانيّ في معركتنا ضدّ إسرائيل، كما شدّد على إحترام القوانين اللبنانيّة التي يعمل الكلّ تحت مظلّتها.
وذكّر الحضور بأنّ عرض فيلم “مولانا” منذ بضعة أشهر تطلّب زيارة مُفتي الجمهوريّة اللبنانيّة، وهذا ما حصل لسماح عرضه والمُوافقة على حذف خمسة دقائق بدلاً من حذف 45 دقيقة، مُشدّداً على ضرورة النقاش والتفاهم للتوصّل إلى الحلول الناجحة.
وردّاً على سؤال أكّد الصباح أنّه لا إعتراض على مسألة المقاطعة، ولكن منع عرض الأفلام يُكبّد أطراف عدّة الكثير من الخسائر الماديّة، والأمر ينعكس سلباً على الإقتصاد اللبنانيّ، خاصةً وأنّ الأفلام الأجنبيّة يجري دفع حقوق عرضها مُسبقا.
كما رأى مُديرعام “إيطاليا فيلم” كارلو فنشنتي أنّ الفيلم عُرض في 12 بلدا عربيّا ،والدولة وافقت على عرضه، والمُطالبة بمنع العرض يجب أن يكون مدروساً ويجب مُناقشة مسائل عدّة قبل إتخاذ هذا القرار وسط إنتشار القرصنة الإلكترونيّة وإمكانيّة الحصول على أيّ فيلم على أقراص مُدمجة أو من خلال مواقع إلكترونيّة. فالمُمانعة الشرعيّة لا تكفي، ولا تكبّد الخسائر سوى للبنان وشركاته ما ينعكس سلباً على إقتصاده.
ثم قدمت مداخلة حول سبب المطالبة بمُقاطعة أفلام المُخرج ستيفن سبيلبرغ اليوم، رغم انه سبق وعُرض له حوالى 23 فيلماً إنتاجاً أو إخراجاً في لبنان بعد عدوان 2006، وقد أشير فيها الى ان المطالبين بمنعه كانوا ربما مخطئين واليوم يُصحّحون خطأهم، فعلق كارلو فنشنتي بقوله أنّ المُتضرّر الوحيد هو اللبنانيّ، لأنّ بطاقة السينما يتوزّع ربحها على المُوزّعين وأصحاب صالات السينما والدولة اللبنانيّة ( وزارة الماليّة والبلديّات)، فلا ربح ماديّ لأشخاص غير لبنانيّين من عرض الأفلام الأجنبيّة، وخاصّة أنّ الفيلم يتمّ دفع مُستحقّاته من مدّة طويلة لتسليمه للشركات اللبنانيّة
وحول تردّد صنّاع السينما بشراء أفلام المُخرج ستيفن سبيلبرغ، أجاب ماريو جونيور حدّاد أنّ الأمر لا يتوقّف عند سبيلبرغ بل يذهب إلى أبعد من ذلك بكثير، مُشيراً الى أنّ أميركا تدعم إسرائيل مادياً، فهل يمتنع اللبنانيّون عن الذهاب إلى أميركا؟!
وإنتهى اللقاء، الذي شارك فيه المُخرج فيليب عرقتنجي ومُمثلون عن شركة “Warner Brothers” بأمنيات أن يتمّ النقاش بين الأطراف المعنيّة، من أجل التوصّل الى حلّ منطقيّ يُرضي الأطراف كافّة.
شاركنا النقاش