[sam_zone id=1]

فاتن قبيسي|

لم يكن يُتوقع ان يصل التجاذب حول مسلسل “سكت الورق”، بين الكاتب مروان نجار والمنتج والمخرج نديم مهنا الى القضاء. بل من المفاجىء ايضا بأن يقاضي مهنا الكاتب نجار بداعي انه ينتقد تنفيذ العمل، معتبرا ان ذلك يشكل اهانة له. والاغرب ان يتقدم بدعواه هذه الى قاضي الامور المستعجلة!

وكان نجار قد انتقد المسلسل الذي عرض عبر قناة “ام تي في” قبيل رمضان، (بطولة خالد القيش وداليدا خليل وتقلا شمعون) مشيرا الى انه تم استبعاده ككاتب عن مراحل التنفيذ، مما اضر بالمسلسل وحرفّه عن وجهته. وقد عبر نجار عن موقفه عبر الاعلام ومن خلال صفحته عبر “فايسبوك”.

هذا الامر اثار استياء مهنا، ما دفعه الى رفع دعوى بحق نجار تحت عنوان: “امر على عريضة”، يطالب فيها بتغريم نجار مليون ليرة عن كل ايذاء يطاله عبر “فايسبوك” او الاعلام، ومنعه ذكر اسمه والتعرض لكرامته، ومحو كل ما يشكل اهانة له عبر الاعلام.

ومؤخرا صدر الحكم وخسر مهنا بموجبه الدعوى مع تحميله كافة المصاريف، وذلك بعدما قضى القاضي بعدم وجود اي اهانة بحق مهنا، وبالتالي لا شيء يحذف مما كتبه نجار عبر “فايسبوك”. ولم يرتب القاضي على المدعى عليه دفع اي مبلغ، الا في حال اقدامه لاحقا على ما ورد في الدعوى.

“شاشات” اتصلت بالمخرج نديم مهنا، الا انه رفض الخوض بالموضوع. في حين اوضح الكاتب مروان نجار استغرابه اساسا من رفع هكذا دعوى، معتبرا انها غير ذات مضمون اساسا، على اعتبار انه يحق لاي كاتب التدخل في عمله، وابداء وجهة نظره حوله.

ونفى تعرضه للمخرج والمنتج مهنا أو لكرامته، و”انما للتصرّفات الخاطئة وفق الأصول المعترف بها: قيام إنسان بعمل من خارج اختصاصه والمزج بين قيادة الآليّات مثلًا وإدارة الممثّلين”.. ورأى “أنّ أيّة واحدة من هذه المداعبات ما كانت لتصيب الشخص الممتعض، لو لم يكن قد ارتكب ما يدلّ عليه ويدينه في معرض تلقّف ما كتبته”.

وردا على سؤال حول ملاحظاته حول المسلسل، اشار نجار الى ان “القصة التي تمنيت ان ارويها جاءت مشوهة. فالتصوير لم يعكس تفاعل الممثلين مع بعضهم. كما قام المخرج بتوجيه ضربة قاسية للعمود الفقري للرواية، مما يؤدي الى شلل العمل. كما ان الحس الانساني يغيب بتاتا عن المسلسل، ليسيطر عليه حس تقني شكلي. كذلك خلط المخرج بين السرعة والايقاع، فبدا وكأنه يدحرج دواليب بالممثلين!”

وردا على سؤال قال نجار: ما خطر لي يوما أن يقوم أحد بحشر القضاء هكذا في مسألة تتعلّق بالفنّ، القائم أصلًا على فكر وإحساس وخيال ومهارات. ولا مرّ ببالي أنّ منتجا ناجحا في مجاله، بارعا في اختصاصه، إذ تحمّس لإنتاج عمل دراميّ (من خارج حقله المعروف والمرموق حصرا بقيادة السّيّارات وبرامج السباقات والآليّات)، وإذ قصدني وعبّر لي عن رغبة طَيِّبَة في التعاون معي ككاتب دراما، سوف ينقلب فجأةً على مواقفه، فيرفض جلسات القراءة وفرص التفاهم على بواطن النصّ معي ككاتب، كما جرت العادة، ويواجهني بما سمعه عنّي من أهل النصح، الذين “حذّروه من سيطرتي على مجريات الإنتاج”، وأَقنَعوهُ بضرورة إبعادي عن أيّ تفاعلٍ يلي تسليمَ النصّ.

واضاف: وعندما بلغتني مخاوف الممثّلين الذين يشهد لهم الجميع باحترافهم العالي، قلقت. لكنّي قرّرت أن أقاوم تحفّظي في هذا المجال، وأن أحصر حذري بالتخوّف من موقف المنتج لا من مستوى مهارته التي أجهلها، ورحت أدعو الله أن تكون مهاراته الفنّيّة قادرة على قهر مخاوفي من مغبّة أحكامه المسبقة وقراراته المرتجلة وغير المسبوقة في مجالنا.

ولفت بقوله الى انه انتظر حتّى جرى تسويق العمل، “وما عادت عبارات التحفُّظ تهدِّد بتعطيله عن البيع، فأعلنت عندها عن مخاوفي وآمالي، تاركا الأمر لما سنشهده على الشاشة. كما حمّلت لهجتي قدرا مسؤولا من التفاؤل النسبيّ”.

وعن ردة فعله بعد العرض؟ قال نجار: جاءت الحلقات لتؤكّد مخاوفي. وبعد عرضها وفي أثنائه، يصبح إبداء الرأي حقا عاما متداولا وشرعيا. فكيف بالحريّ رأي كاتب يمتلك عقود من الخبرة، وقد تمّ استبعاده من عمليّة تنفيذ نصّه على يد شخص، لم تُعرَض بعد حلقة دراميّة واحدة على الهواء من إخراجه؟ ولكنني لم اغضب ولم اتهجم، بل حوّلت ثورتي دعابة تزيل عنّي بعض الوجع ولا تلقي به على سواي.

واردف قائلا: وحين قارب عرض المسلسل نهايته، كنت قد شبعت مرارةً بعد اقتطاع جماليات وحتميّات روائيّة بساطور جزّار لا بمبضع جرّاح، فضبطت أعصابي رغم قسوة الألم، وعبّرت بهدوء في مقال تحليليّ منهجيّ عمّا يقتضيه النقد المسؤول عموما. فلا أثر لانفعال أو كلمة نابية، ولا إشارة إلى اسمٍ أو واقعة ممّا أملك منه الكثير.

وحول الدعوى القضائية التي رفعت بحقه، علق نجار بقوله: لجأ “الممتعض” إلى القضاء، إلى قاضي الأمور المستعجلة كما يلجأ التلميذ إلى الناظر،.وعندما تبلّغت التقرير واطّلعت على إنشائيّات المحامي المستدعي، تردّدَتْ في ذاكرتي أصداء صبيانيّة تنادي مسترحمةً ومستحثّة:
-أستاذ، قللو!
لكن بحمد الله حين قرأت مطالعة القاضي، اطمأنّيت إلى دقّة القانون، فضلًا عن دماثة أسلوب ممثّله على القوس.
“فالأستاذ قاللو” للمشتكي متى لا تجوز الشكوى. وبصراحة علميّة قال القانون إنّ من حقّ صاحب النصّ أن يعبّر عن رأيه بما حصل لنصّه بعد المشاهدة، أو في خلالها. ولم يتمكّن “الممتعض” من تقديم دليل واحد على ما ادَّعاه من إهانة أو “مسّ بكرامته”.

وفي الختام، وجه نجار تحيّة الى القاضي الرئيس الياس صلاح مخيبر، والى المحامي الدكتور كميل حبيب معلوف اللذين “قابلا إنشائيّات الخصم بأرقى أدبيّات المهنة الحقوقيّة”.

في هذا المقال

شاركنا النقاش