[sam_zone id=1]

دمشق : آمنة ملحم|

مهما ازدادت آلام مخاض الوطن .. يخلق من رحم الياسمين الأمل بغد أفضل .. هي رسالة حملها الشاب علاء الصحناوي العائد من رحلة اغتراب دامت عشر سنوات، لينقلها من سوريا الى العالم أجمع، عبر شريط سينمائي لفيلم قصير من كتابته واخراجه (مدته 25 دقيقة).

اختار الصحناوي مدينة دمشق كانطلاقة للعرض الأول لفيلمه مساء امس، ليكون للسوريين وبينهم. ومن ثم ينتقل الى المهرجانات الدولية، وهي الغاية الحقيقية التي تراود الشاب لايصال الوجع السوري الى كل أنحاء العالم.

هي قصة إنسانية عاشتها عدد من الأسر السورية بملامحها العامة، في خوض غمار الحصار ومواجهة الإرهاب وجها لوجه، من دون أي خيار ثالث من الممكن أن يشكل طوقا للنجاة. هي مواجهة للحظات الموت أدركها “الياس”(مروان أبو شاهين)، و “مريم” (عهد ديب) بتواز مع لحظات مخاض الأم وعراكها الحياتي لإنجاب “ياسمين” من رحم الألم، وفي دوامة المصير المجهول.

لحظات وجدانية عالية الحرفية أدتها الفنانة عهد ديب في المخاض العسير، متحدية الموت في سبيل نيل عبق الياسمين ، لتجد نفسها أمام موت حتمي اختارته مع زوجها بدلا من الموت القسري على أيدي أشخاص امتهنوا قتل البشر والحجر، دون التفريق بين طائفة وعرق ودين.

الفيلم اعتمد بدرجة كبيرة على الرمزية الملتفة بالميلودراما المكثفة في مشاهده، فحمل درجات عالية من التأثير الروحاني لاسيما في مشاهد ” أم الياس ” (وفاء موصللي)، التي تمكنت بصدق دموعها وحنو أدائها من ان تكون أمّا حاضرة بقوة، حيث من الصعب سلخها عن الواقع وتصنيف ما تؤديه بالدور التمثيلي. فبرعت بمزج دموعها بدعائها لابنها الذي تدرك مصيره الحتمي، وليكون بكاء الطفلة “ياسمين ” كنهاية للشريط خير حامل للأمل بغد باق، مهما امتد وجع الموت وطالت أظفاره.

وعلى خلفية الافتتاح لفت الصحناوي ل”شاشات” إلى أن الفيلم هدفه إيصال الوجع السوري الى العالم، معتمدا على الحالة الإنسانية، لأن الموضوع الإنساني يحرك مشاعر كل البشر، كما أنه تعرية للارهاب الذي استهدف الحجر والبشر.
ونوه الصحناوي إلى اشتغاله على الحبكة والتشويق لشد الجمهور، واعتماد الرمزية الواقعية بعيدا عن الفلسفة. كما عمل على الموضوع الروحاني كي يعيش المشاهد الحدث ويتأثر مع الفنان بكل لحظات العمل، لاسيما أن اللغة السينمائية تصل الى كل البلدان .

وأكد الصحناوي أن الرحلة طويلة أمامه حيث سيعرض الفيلم على مهرجان دبي السينمائي، وهولندا وبرلين وكوريا، كونه يستوفي الشروط الفنية للفيلم القصير بشكل كامل على مستوى العالم.

وأشارت الفنانة وفاء موصللي ل “شاشات” إلى ان الفيلم يعكس حالة المخاض التي تمثل الانتهاء من الأزمة – الوجع الكبير. وهو من السهل الممتنع، ورغم بساطته فهو يحمل فكرة عميقة ويعكس واقعا مؤلما، ولكن بالنهاية صوت الطفل يمثل الجيل القادم وسوريا القادمة.

وأشادت بتميز العمل مع المخرج الشاب الصحناوي الذي يحمل بداخله قدرات كبيرة يسعى لإظهارها في علاقة إبداعية مع الممثل، منوهة بأن دورها في الفيلم حملها مسؤولية كبيرة في تجسيد دور الأم في رمزية واضحة لسوريا، تلك الأم التي “تستذئب” لتحمي أولادها ولكنها ليست قادرة على فعل ذلك. فالدور يحمل صعوبة ومسؤولية إنسانية ووطنية كبيرة جدا .

كما تحدثت الفنانة عهد ديب عن صعوبة حقيقية واجهتها في أداء الدور، لاسيما لحظات الولادة التي تطلبت منها بحثا في طريقة الأداء. ولم تكن حالة ولادة فقط بل هي لحظات مترافقة بالخوف تطلبت “تكنيكا” خاصا وحساسا. واكدت أن الدور شكل تحدبا لها بمساعدة المخرج ليظهر كدور انساني روحاني يعكس الخوف والمعاناة، ولكن الحياة تبقى مستمرة بالولادة والأجيال القادمة.

بدوره أعرب الفنان مروان أبو شاهين عن اعتزازه بهذه التجربة كونها تحمل رسالة جدية بأن السوريين، ورغم كل مامروا به في سنوات الأزمة، لا زال من الصعب تفرقتهم أو فصلهم طائفيا، بل انهم يتعاملون كطائفة واحدة، كما أن كرامتهم محفوظة لا يمكن أن ينال منها أحد.

 

في هذا المقال

شاركنا النقاش