[sam_zone id=1]

فاتن قبيسي

بإحاطة كافية، تناول الوثاثقي “عيدوا حساباتكن” الذي عرضته أمس “mtv” موضوع وسائل التواصل الاجتماعي ومخاطرها، وتحولها الى ادمان لدى كثيرين. ورغم ان للموضوع حسناته، الا ان كيفية ووتيرة استخدام هذه الوسائل تنبئان بالخطر. من هنا، فقد نجحت رانيا زيادة الاشقر اولا في اختيار الموضوع باعتباره “مرض العصر”، وفي كيفية تشريحه ثانيا.

يمكن القول بان دقائق الوثائقي الخمسين استثمرت على افضل نحو ممكن. فقد تم تقسيم الموضوع المطروح الى فقرات عدة: تأثيره على صحتنا النفسية ونومنا وعلاقاتنا الاجتماعية، وعلى الصحة الجسدية، وحالات الابتزاز والانتحار، والقيادة وحوادث السير، وجرائم المعلوماتية.. وصولا الى تقديم حلول ضمن المتاح.

وقد تم تفنيد كل فقرة بشكل مكثف، لجهة ضح المعلومة مباشرة على حساب كثرة الشرح والتفصيل. وعليه، تضمن الشريط كمّا من المعلومات العلمية على لسان اصحاب الاختصاص، اذ تنوع الضيوف ليطالوا المجالات التالية: خبراء في مجال التواصل الاجتماعي، مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية، العلاج الفيزيائي، صحة الامراض العقلية، القانون والمحاماة، تصميم الالعاب الالكترونية، هيئة ادارة السير في قوى الامن الداخلي، العلاج النفسي وادارة المشاعر ومعالجة التشنج…

غير ان اهمية الطرح رفدها اسلوب اخراجي لافت، مما عزز طريقة ايصال الرسالة على نحو رشيق. اذ لعب المخرج ميشال صليبا على وتر المضمون بعزف منسجم. فقدم الفقرات في “لوكيشينات” مختلفة، بعيدا عن الاستديو. كما لعب على التناقضات في مشاهد عدة، حين جمع في لقطاته المكتبة والتلفون، الطبيعة والتلفون، البحر والتلفون.. في اشارة الى اهمية العودة الى المطالعة والى اماكن السلام والهدوء التي سرقنا منها الانغماس في وسائل التواصل الاجتماعي.

من هنا، نجح صليبا في اختيار اماكن التصوير ليبني عليها مقارباته. وانطلاقا من فكرة ان وسائل التواصل الاجتماعي ألغت الزمان والمكان من حياتنا، عرج ايضا على مسرح الذوق التراثي كمحطة في الشريط، ليبرز ذاك التناقض بين الماضي والحاضر، بين التاريخ وعصر السرعة والتكنولوجيا…

وهكذا، فقد تميز الشريط بالسلاسة والتقطيع السريع بين المقابلات القصيرة و”الفويس اوفر”، و”المونولوج” الذي اعتمدته الاشقر لاضفاء لمسة اضافية. فجاءت المادة العلمية الجافة في اطار بصري جذاب، مما شجع على متابعة خمسين دقيقة في اطار من الافادة.

والارجح ان “عيدوا حساباتكن” دفعنا الى مراجعة حساباتنا لجهة استغراقنا كبارا وصغارا بوسائل التواصل الاجتماعي، ولكن من دون ان يكون محرضا حقيقيا على احداث تغيير فعلي في هذا الاطار. ذلك ان التغيير يحتاج الى رسائل اعلامية متواترة ونفَس طويل.. مع ضرورة المحافظة بالطبع على الاسلوب الجذاب دائما، وذلك في عصر يصاب فيه المرء بالملل السريع، الا- وللأسف- في مجال استخدام التواصل الاجتماعي!

في هذا المقال

شاركنا النقاش