دمشق: آمنة ملحم|
ربما كان متوقعا بأن الأجواء العامة للمؤتمر الصحافي الذي عقد تزامنا مع انتهاء تصوير مسلسل “حارس القدس” لن تكون على ما يرام، فالمتابع لرحلة العمل يدرك حجم العثرات التي واجهته قبل أن يرى النور، لا سيما فيما يتعلق بالظرف الانتاجي.
ورغم محاولة اعتماد الدبلوماسية في لهجة صناع العمل عموما، إلا أن حالة العتب بدأت منذ انطلاقهم بالتعريف عنه، حيث تحدث الكاتب حسن م يوسف عن حالة تهميش لاسمه ككاتب في الحوارات الصحافية للمخرج باسل الخطيب ولبطل المسلسل رشيد عساف، لينفي عساف الأمر مؤكدا احترامه لكل جهد بذله السيناريست م يوسف، وحرصه على تقدير ذلك الجهد إعلاميا.
وبما أن أسئلة الصحافيين كان لا بد أن تطال الشرط الانتاجي للعمل والذي يجب ان يكون ضخما، سواء لجهة تناوله للمرة الاولى عربيا لسيرة رجل دين مسيحي ومناضل سوري هو المطران “إيلاريون كبوجي”، او لجهة تصويره كاملا في سوريا كنقطة تحسب لصناعه رغم تنقل المطران كبوجي في حياته بين سوريا وفلسطين وروما التي نفي إليها، حرص هنا المخرج الخطيب على التأكيد باعتماد لغة المحبة في أي انتقاد وجهه لآلية عمل “مؤسسة الإنتاج الاذاعي والتلفزيوني”، التي يجب أن يسعى الجميع برأيه للارتقاء بها وبالعمل الفني السوري، مشددا على أن تلك الانتقادات لا تمت للاتهام أو الهجوم بصلة.
ولكنه رفض كليا نسب العمل لمشروع “خبز الحياة” التي تتبناه المؤسسة بإشراف مديرها المخرج زياد الريس، وذلك بعد حديث الريس عن اكتمال المرحلة الأولى من هذا المشروع مع انتهاء تصوير المسلسل والفيلم المرافق له من قبل الخطيب، حيث أصر الخطيب هنا على أن العمل هو مشروعه الذي لا يمكن لأحد مصادرته، وقد تم الاتفاق على كتابته وإخراجه قبل وجود مشروع “خبز الحياة”، فهو مستقل وأكبر من تصنيفه بأي مشروع، لخصوصيته ومكانته العالية، شاكرا وزير الاعلام عماد سارة الذي كان له دور كبير على حد تعبيره في إنجاز العمل، الذي رافقته العناية الإلهية ليرى النور.
عموما وبعيدا عن كل الجدالات التي طالت العمل، والذي وصفه المشارك فيه الفنان يحيى البيازي لـ “شاشات” بـ”السيء إنتاجيا”، ورغم سلسلة الانسحابات التي رافقت انطلاق تصويره أيضا بحكم الظرف الانتاجي، يبقى إجماع المشاركين فيه على حرفية الشرط الفني الذي حرص الخطيب على توفيره مع جهود الفنانين ككل، وفي مقدمتهم الفنان رشيد عساف، الذي أكد الخطيب أنه قدم الشخصية ببراعة واستنفار روحي عالٍ، معتبرا وجوده مكسبا وإضافة حقيقية للمشروع.
من جهته، اكد عساف بأنه بحث عن مفاتيح هذه الشخصية كثيرا، وفي الحالة الداخلية والنفسية والروحية لها ليدرك كيف استطاع المطران كبوجي الجمع بين الوطني والروحي، فاستعان بفيديوهات له لتتبع لغة جسده، ولكنه وصل لاتفاق مع المخرج الخطيب بأن التقليد ليس هو المطلوب منه، فالمهمة لم تكن سهلة أبدا وحملت الكثير من المخاوف في السعي للمواءمة بين الأداء والروح، وكذلك تعلم الطقوس الكنسية التي ساعده فيها أشخاص مقربون من المطران.
ونوه الكاتب حسن م يوسف بأن عنوان “حارس القدس” جاء من كلمة “كبوجي” والتي تعني الحارس، وأن العمل يحمل رسائل وطنية وإنسانية عالية، أهمها أنه لا يوجد سلام دون مقاومة، بل يتحول لاستسلام، فالعمل دعوة للمقاومة من اجل السلام.
ولفت يوسف ل”شاشات” الى أن العمل لا يركز على الموضوع الديني، هو مهم ولكنه ليس الأهم، وبأنه بذل جهدا كبيرا في كتابته التي استمرت لسنة وشهر استعان خلالها بكتب عدة ولقاءات مع اشخاص مقربين للمطران. واشار الى انه وضع قلبه في خدمة هذه الشخصية وخلاصة ما توصل له عقله، ليكون عملا دراميا. ولكن التوثيق حاضر بكل خطوة وتفصيل للمطران أو مقولة تنسب له، وهو تكثيف ل “95” عاما عاشها المطران بـ “24 ” ساعة درامية ستحمل وجهة نظر يوسف، لأن الفن في النهاية وجهة نظر.
وختم الخطيب المؤتمر بالقول بأن العمل تجربة صعبة جدا، وأنه سيضم مسلسلا وفيلما عمل عليه بنفسه منذ استلامه النص، حيث وضع هيكلا للفيلم بنيته الأساسية مناضل سوري حلبي قدم لوطنه وللقضية الفلسطينية، وحرص خلال التصوير الذي استمر لأشهر على تحقيق الترتيب الفني والانتاجي لمشاهد الفيلم والمسلسل، منوها بأن الفيلم سيكون جاهزا للعرض السينمائي أواخر آذار المقبل، أما المسلسل فهو للعرض الرمضاني في موسم 2020.
وتجدر الاشارة الى ان الأب الياس الزحلاوي الصديق المقرب للمطران كبوجي، حضر المؤتمر الصحافي وهو الذي قدم الكثير للعمل، وتواجد خلال أيام في مواقع التصوير حرصا منه على هذا العمل الذي يعتبره استثنائيا لشخصية استثنائية، ويتوجب على كل رجل دين برأيه أيا كان دينه ان يماثلها، لأن الدين إن لم يكن بخدمة الإنسان فهو ليس دين.
كما لفت المخرج زياد الريس الى أن العمل رسالة سورية الى العالم كله بأن سوريا وفية دائما لكل من هو وفيّ لها.
“حارس القدس” بطولة: رشيد عساف، صباح جزائري، أمل عرفة، سامية جزائري، يحيى بيازي، ربى الحلبي، ايهاب شعبان، نادين قدور، عهد ديب، سليم صبري، مهران نعمو، ريم زينو، آلاء مصري زاده، سوزانا الوز، ليا مباردي وآخرون. الإشراف العام عماد سارة، تأليف حسن م. يوسف، اخراج باسل الخطيب، موسيقى تصويرية سمير كويفاتي، DOP ناصر الركا، مدير الانتاج زياد علي، انتاج المؤسسة العامة للانتاج التلفزيوني 2019 \ 2020.
شاركنا النقاش