ماهر منصور|
عبر تسجيل مصور، ييث الممثل اللبناني طوني عيسى شكواه عن الحال الذي بلغه الممثل اللبناني بسبب “السوري”، على حد تعبيره، قائلاَ بالحرف: “صرنا عم منزقف (نصفق) للعالم ونقول برافو انت نجّمت عنا بلبنان، ونحنا اللبنانيين قاعدين بالبيت. ممنوع؟ شو عيب على اللبناني ينجّم او ياخد دور حلو؟ اذاً هناك مشكلة على اللبناني، في “فيتو” على اللبناني. وما حدا يقنعني. في السنوات الخمس الاخيرة عم نرجع الى الوراء. ما فيك تستبعدني عن الساحة، انا ابن البلد، في الوف بتحبني .. وملايين بتحبني…ويضيف: “شو بقول للعالم اذا سألوني ليه ما عم نشوفك برمضان؟ المنتج ما بدو ياني؟ او في ممثلة ما بتحبني ما بدا ياني معها؟ او مخرج بحب السوري اكتر مني؟ شو بقول للعالم؟”.
يستخف عيسى بعقولنا وذاكرتنا، نحن “العالم” الذي يحار ماذا يقول لنا إذا سألناه عن غيابه في رمضان… مهلاً، يا طوني، فنحن لن نسألك، لأننا نعرف أنك تطل في رمضان الحالي إلى جانب النجم السوري مكسيم خليل في مسلسل “صانع الأحلام” (الصورة)الذي يعرض على قناة “أبو ظبي”، كما نعرف أنك خلال السنوات الخمس التي نرى أنها كانت “سنوات عجاف” على الممثل اللبناني.، كنت شاركت في مسلسلي “سمرا” و”مذكرات عشيقة سابقة”، وبين هذه الأعمال وقبلها شاركت في عدد من المسلسلات السورية، منها على سبيل إنعاش ذاكرتك، لا الحصر: “خاتون” ، “حدوتة حب”، “العراب” وسواها.
يخطيء الممثل طوني عيسى بعدّ أعماله الدرامية، يتجاهل نفسه بنفسه، تلك هي مشكلته. ولكن المشكلة تبدأ في تصريحه، حين يسوق معلومات مغلوطة، تحت راية “حق الممثل اللبناني” بدراما بلاده، مستغلاً ما يثيره أصحاب النفوس الضعيفة من تصريحات عمياء ونعرات عنصرية متبادلة عن حضور الممثلين السوريين في الأعمال اللبنانية وبالعكس، وإن كنا سنتجنب تذكير الممثل عيسى بالتعاون المشترك الطويل بين الفنانين اللبنانيين والسوريين، وحضور الفنانين اللبنانيين في الدراما السورية على اعتبار أنه ينسى الأعمال التي شارك فيها بنفسه، فكيف سيتذكر أعمال سواه…؟! إلا أننا لا بد أن نقف عند بعض كلام الحق الذي أراد منه طوني عيسى باطلاً.
يشير طوني عيسى صراحة إلى استبعاد الممثل اللبناني عن الأعمال التي تنتجها شركات لبنانية، ويشارك في تجسيد شخصياتها فنانون لبنانيون وسوريون، ويسوق في تصريحه ثلاث فرضيات لا حقيقة لوجودها إلا في ذهنه، أولها أن الفنانين السوريين الذين استعانت بهم الشركات اللبنانية (نجّموا) في لبنان، وثانيها أن الممثلين اللبنانيين جالسون في بيوتهم بينما يعمل السوريون مكانهم، وبالتالي يحرمون أقرانهم اللبنانيين من الأدوار الحلوة، على تعبيره. وأن هناك “فيتو” على اللبناني إذ يرفضه المنتج والمخرج وممثلة ما… ويفضلون “السوري” عليه.
بداية لنسأل، أي من الفنانين السوريين الذين استحوذوا على أدوار البطولة في الأعمال التي أنتجها شركات لبنانية، حققوا “نجوميتهم” من تلك الأعمال، هل هو تيم حسن، أم عابد فهد، أم باسل خياط، أم مكسيم خليل، أم قصي خولي، أم قيس الشيخ نجيب، أم باسل ياخور…؟ هؤلاء هم من تصدروا بطولة الأعمال التي أشار إليها عيسى، وهؤلاء دخلوها نجوماً على مستوى الوطن العربي لا سوريا وحدها، اللهم إلا إذا كان طوني عيسى يقصد نجوم الأدوار الثانية السوريين، هم من أخذوا مكانه.
يتجاهل طوني عيسى، ولا يجهل، أن تلك الأعمال هي نتيجة خلطة تسويقية بشروط غير فنية بالضرورة، وأنه مقابل تغييب الممثل اللبناني عن غالبية أدوار البطولة الأولى فيها، تم تغييب الممثلات السوريات اللواتي يتصدرن بطولة المشهد الدرامي السوري، فإن كان لا بد من استنكار تغييب مقصود عن تلك الأعمال، فلا بد أن نبدأ من الممثلات السوريات اللواتي تتصدر أسماؤهن المشهد الدرامي العربي، واعترف واحد من منتجي تلك الأعمال بتقصيره تجاههن، وبالتالي فان حكم غياب الممثل اللبناني عن دور البطولة في ما تسمى (أعمال مشتركة)، تم بالآلية ذاتها التي غيّبت فيها الممثلات السوريات عن الأعمال نفسها، وإن اختلفت الأسباب… فالممثل السوري لا يحضر في هذه الأعمال لجماله، ولا تغييب الممثلات السوريات عن هذه الأعمال لقلة موهبتهن.
وعليه، يعرف طوني عيسى، ولكنه يتجاهل، أن غيابه عن الأعمال المشتركة التي ينتجها أبناء بلده، ليس سببه السوريين، وإنما سببه الوصفة التسويقية لتلك الأعمال، وبالتالي فان الأوْلى بهجومه الانفعالي، هم شركات إنتاج بلاده، التي لم تتجاهله وحسب – رغم أننا لا نرى أنها تجاهلته- وإنما غيّبت اليوم نجمات التمثيل اللبناني أيضاً، من اللواتي نفخر بهن ونعشق أداءهن، عن أدوار البطولة في هذه الأعمال، لصالح قادمات من عروش الجمال، بغض النظر عن درجة موهبتهن الفنية وأحقيتهن بأدوار البطولة الأولى.
وتملي علينا كلمة حق، القول بأن المسلسلات التي يرى طوني عيسى أنها تجاهلت الممثل اللبناني، كان لها الفضل بإعادة إنتاج نجومية عدد كبير من الفنانين اللبنانيين، واكتشاف براعة الأداء والحضور عند آخرين، عرفناهم في المسرح اللبناني ولم ندركهم في التلفزيون. ووسط هؤلاء قائمة تطول من الممثلين اللبنانيين، وفي مقدمتهم طلال الجردي، وعبدو شاهين، وفادي أبي سمرة، وحسان مراد.. وبالنسبة لمطلّع مثلي على دوائر الإنتاج في الدراما السورية واللبنانية، سبق وقلت أنني أحسد فناني لبنان على المنتح صادق الصباح، الذي يخدم فناني بلده كما لم يستطع احد منا أن يفعل، ويأخذ دور العراب في حياتهم، فيجعل أقوى من في مهنتهم من مخرجين وكتاب عامل قوة لحضورهم فيها.
أخطأ طوني عيسى بحق نفسه، وأخطأ بحق الناس التي احتمى بمحبتهم، حين تجاهل عقولهم، وخاطبهم كما لو أنهم يملكون ذاكرة مثقوبة.
شاركنا النقاش