[sam_zone id=1]

دمشق: آمنة ملحم|

خلافاً للمتوقع من الأعمال الدرامية “اللبنانية السورية” المشتركة، التي اعتاد الجمهور متابعتها بملامح أساسها ثنائية حب وعلاقات تدور في فلكها، جاء مسلسل “طريق” هذا العام في حلقاته الأولى ليكسر القاعدة. فلا يكتفي بقصص الحب، وإنما اختار أن يتغلغل بقضايا المجتمع اللبناني ليقدم أكثر من قضية تقض مضجع اللبنانيين ومنها قانون الآجار الجديد، والتأمين الصحي، وصعوبة المعيشة للطبقة الوسطى والفقيرة، وقلة فرص العمل للشباب حتى للطبقة المتعلمة. كما تطرق العمل إلى قضية المتاجرة بالحشيش، وقضايا الاغتصاب والخيانة، كلها شكلت مدخلا لحكاية العمل الرئيسية، أي قصة الحب والزواج، الذي يجمع “أميرة” و”جابر”، رغم أن الاثنين لم يجتمعا في مشاهد مشتركة حتى منتصف حلقاته تقريبا.

وبطبيعة الحال لم يرتكز العمل على حكاية حب تقليدية، وإنما جاءت العلاقة بين “جابر سلطان” و “أميرة بو مصلح” نتيجة تقاطع ظروف جمعتهما صدفة، ليتكئ كل منهما على الآخر في حل مشكلاته العائلية. وبالتالي كان زواجهما قائماً على المنطق وليس على علاقة عشق خيالية، وإن كانت طريقة الوصول إليه غير معتادة في مجتمعاتنا العربية من خلال عرض “أميرة” على “جابر” الزواج، مقارنة بخطوط شخصيتها التي ظهرت من أول حلقة كشابة جدية، ترفض التنازل لأي طرف، وينعتها البعض بالتكبر لشدة ثقتها بنفسها.

زواج “أميرة” و”جابر” لم يكن ذروة المضمون فحسب، بل من ناحية الشكل ايضا. فالأداء المدروس حركة بحركة من الفنان عابد فهد في مشهد العرس، وتآلف نادين نجيم معه بعفوية تامة جعلت المشهد حقيقيا على الشاشة وليس مشهداً تمثيلياً عابراً. وزاد من جاذبيته تمسك فهد بخيوط الشخصية ولبسها بشكل مفصل على مقاسها، من دون إفلات أي تفصيل من خيوطها الشديدة الخصوصية، وبالتالي الذهاب بالعفوية معها لأبعد حد.

بعد زفاف “أميرة” و”جابر” لم يكن الجمهور على موعد مع علاقة حب، ولا حتى علاقة منطقية بين الزوجين. فاللامنطقية في تصرفات “أميرة” تجاه “جابر” بعد زواجهما مباشرة جعلت تعاطف الجمهور كله باتجاه “جابر”، وليس كثنائية تستوجب التحكيم في علاقتهما. فتركيبة شخصية “أميرة” التي بدت الأنانية أبرز ملامحها بعد الزواج، كانت حتما ستقلب الطاولة في علاقتها مع “جابر”، بلا ملامح توحي بأي تنازل قد تقدمه تلك المرأة المثقفة، التي عثرت على كل ما ينقصها، لتاجر المواشي.

شخصية “أميرة” تبدو أسيرة تناقض النص، الذي عانى من مشكلة في بنائها. وهي الشخصية التي لا يتناسق كلامها وشكلها العام مع أفعالها، كما فشل النص في إقناعنا بمسارات العلاقة الزوجية سواء في المشكلات الناتجة عن عفوية “جابر” الزائدة، والتي أصرت “اميرة” على الدفاع عنها قبل زواجهما والتمسك به بعيدا عنها، او لناحية حب الذات المبالغ به من جانب “أميرة”، والذي ظهر فقط بعد زواجها، بخلاف ما كانت عليه قبل الزواج.

الحدوتة بدت بعد منتصف حلقات العمل مرتبكة تبحث عن ذروات جديدة وتشويق، ما دفعها لاختلاق حكايات “وصية أم جابر، و أنه ابن سعاد وليس أخيها”، وذلك بطبيعة الحال لا قيمة له في تحريك أحداث العمل سوى اجترار حدوتة جديدة يكمل معها العمل حلقاته الثلاثين، ريثما يصل إلى نهاية لطريق “جابر” و”أميرة”..

خيبات الأمل التي واجهها المشاهد في حبكة العمل بعيدا عن أداء “عابد فهد” الذي كان حاملا حقيقيا له، جعلته بمأزق كبير في حلقاته الأخيرة قبل إسدال الستار.. ولا ندري أن كانت نهايته ستكون منصفة لظهور أبطاله وأسلوب إخراجه الذي استطاع جذب الجمهور بعيدا عن مدى جدية الحكاية.. أو أن الحكاية ستستمر في استنزاف جهد صناعه بقلة حيلتها وضعف حبكتها!

في هذا المقال

شاركنا النقاش