[sam_zone id=1]

دمشق: براءة زريق

أطلقت “المؤسسة العامة للسينما” العرض التجاري لأحدث إنتاجاتها “طريق النحل”، في سينما “سيتي” في دمشق قبل أسبوع. والفيلم من بطولة: بيار داغر، يامن الحجلي، جيانا عنيد، ووائل زيدان.

بنى المؤلف والمخرج عبد اللطيف عبد الحميد فيلمه على طريقة الفيلم داخل الفيلم، عبر حكاية الفتاة الحمصية ليلى، الطالبة الجامعية والمقيمة مع أخيها في بيت دمشقي قديم، والتي سرعان ما تتحول إلى ممثلة عندما يجد المخرج السينمائي فيها ضالته، بعد لقائها صدفة في أحد المقاهي أثناء انتظارها لرمزي، المستأجر الجديد. وهو الشاب الذي أحبته خلال ربع ساعة، ضاربة بعرض الحائط علاقتها مع قريب لها مهاجر ينتظر مجيئها إلى ألمانيا.

يقدم الفيلم بعد ذلك قصة حب ثلاثية، إن جاز التعبير، فليلى سرعان ما تقع في منتصف الدائرة بين ابن خالتها المهاجر، حبيبها الجديد وشريكها في السكن رمزي، صاحب الموهبة الفانتازية بتقليد الأصوات، وسليم الذي يكبرها بعشرين أو ثلاثين سنة.

تقرر ليلى في النهاية ترك كل شيء والذهاب إلى ألمانيا، ولكنها تغيّر رأيها في المطار وتعود إلى أحضان رمزي، وتطلب منه العودة مشياً على الأقدام إلى دمشق للدلالة على البقاء. وبذلك ينضم الفيلم الجديد إلى قائمة الأفلام التي أنتجتها المؤسسة خلال السنوات السبع الأخيرة، والتي تسبح جميعها في فلك مقولة البقاء والإصرار على الحياة رغم الحرب والموت. وهو ما طرحته بعض المسلسلات التلفزيونية أيضاً، وبالتالي ما هو الجديد في فيلم عبد اللطيف عبد الحميد؟

على صعيد البناء الدرامي هناك أسئلة منطقية، يبدو أن المؤلف قد ترفع عن الإجابة عليها فمّر عليها مرور الكرام، حتى تحولت إلى نقاط ضعف لا يمكن لأي ناقد التغاضي عنها. فكيف يمكن لفتاة على علاقة بشاب منذ سنوات طويلة ومتفقة معه على السفر والزواج، أن تقع بهوى شاب سواه بلا أي سبب درامي واضح (هل يكفي تعامله مع قذيفة الهاون التي سقطت في باحة المنزل، فجأة، لتبرير هذا الحب؟) وكيف لهذه الفتاة أن تُعجَب برجل ثالث بنفس السرعة بلا اي مبررات درامية مقنعة؟ وهل جاءت موهبة رمزي بتقليد الأصوات قابلة للتصديق أم لا؟ وهل يمكن تبرير المبالغة بهذه الأصوات تحت بند الكوميديا؟ ثم ما المقصود من المشاهد التي قام كل من ليلى وسليم بتأديها في الفيلم الذي يتم تصويره، (الفيلم داخل الفيلم)؟ وهل ثمّة علاقة بينها وبين مضمون فيلمنا أو مقولته؟ وهل سيؤثر حذف هذه المشاهد، برمتها، على المضمون؟ وأخيراً لماذا تم اختيار ممثل لبناني ليلعب دور البطولة (سليم) في الفيلم؟

على صعيد اللغة السينمائية اعتمد المخرج على الحوار، إذ لا يكاد يمرّ مشهد واحد دون حوار، وبالتالي فُقدت كل عناصر اللغة السينمائية من صورة وصوت… ولم تختلف الكادرات في تكويناتها وحركة الكاميرا أو حركة الممثلين عن تلك التي نراها في المسلسلات التلفزيونية، حتى أن بعض هذه المسلسلات استطاعت مؤخرا الارتقاء بلغتها البصرية، ونجحت بتجاوز إنتاجات المؤسسة السينمائية. كما جاء المستوى الدلالي ضعيفاً في الفيلم، وكأن المخرج لم يضعه في الحسبان، باستثناء مشهد ليلى وسليم ورمزي على شاطئ البحر في الربع الأخير من الفيلم، ولكنها دلالة بسيطة ومباشرة، ولا تكبّد أحداً عناء البحث عنها!

لا شكّ أن المخرج عبد اللطيف عبد الحميد قدّم في الماضي أفلاماً هامة مثل “ليالي ابن آوى” و”رسائل شفهية”، و”نسيم الروح”. ويبدو أنه يحاول جاهداً استعادة ألقه وحالته الشعرية في أفلامه الأخيرة، ولكن هل يمكن اليوم، في ظلّ تطور تقنيات السرد السينمائي والتطور على مستوى اللغة البصرية والإيقاع والبناء الدرامي، أن نعيد إنتاج ما سبق وان أنتجناه في التسعينيات؟

 

 

في هذا المقال

شاركنا النقاش