ماهر منصور|
التمثيل مهنة تتطلب الشغف والاجتهاد، ولا تعترف بالتاريخ إلا بمقدار ما يظهر في خطة الممثل لتجسيد دوره الآن. هذا ما تفتقده الفنانة صباح الجزائري بأداء شخصيتها في مسلسل “شوق”.
تؤدي الفنانة صباح الجزائري شخصية أم مثكولة بفقدان أحد أبنائها، وسط سعير الحرب المجنونة في سوريا. حرب قضمت أيضاً ثروة زوجها ووضعت عائلتها في ظرف حياتي صعب، استدعى انتقالها إلى لبنان حيث يعمل زوجها في شركة لأحد أصدقائه اللبنانين. ويرتبط ابنها الثاني “مجد” بعلاقة خطوبة مع ابنته (ندى). وهي العلاقة التي تعود لاحقاً لتعكر صفو حياة العائلة في لبنان، مع اكتشاف علاقة الحب المتوهجة التي تجمع بين مجد و”شوق” في دمشق، والتي تجعله يهمل خطيبته ندى وصولاً إلى فك الارتباط بها.
فهم الموقف الذي تعيشه الأم، وفق البناء الدرامي لحكاية “شوق”، يتطلب خطة تفصيلية يتميز بها أداء الشخصية، انطلاقاً من سؤال رئيسي هو : ما الشعور الذي تحتاجه الممثلة (صباح الجزائري) لتدب الحياة في الشخصية، وتعطي في كل لحظة من مشاهدها مغزاها…؟ وهو السؤال الذي لم تمنحه الفنانة الجزائري حقه من البحث والتخطيط. فلم تستطع الاقتراب من حقيقة مشاعر الشخصية، إذ لم نتلمس نتائج تتماشى مع الموقف الذي تعيشه هذه الشخصية. فبدا أداؤها شكلانياً يطغى عليه “مونوتون” رتيب، من دون تغيير تدريجي فيه، أو تفاعل مع الأحداث التي تجري حولها. فهي تغضب وتفرح وتمتعض وتتعاطف… بدرجة واحدة من المشاعر بلا تلوين.
وكانت الفنانة الجزائري في كل مرة تفتقد السبيل إلى الأسلوب الدافع، الذي من شأنه أن يساعدها بإحداث تغييرات في مشاعرها، وصولاً إلى مشاعر محددة، رغم أن كل ما كانت تحتاجه هو الإيمان بالموقف. وهو أبسط الأساليب الدافعة المعتمدة في فنون الأداء، وأسهلها كونها موجودة بداخلها، بحكم معاصرتها لأخبار الحرب على مدار ست سنوات. وبالتالي هي لا تحتاج لإعداد حالتها النفسية كأم مثكولة بأبنها، يعكر صفو حياتها تداعيات تناقض مواقف ومشاعر ابنها الآخر، وثقل ذلك على يوميات عائلتها. بل كل ما تحتاجه فقط هو أن تكون قادرة على أن تجد نفسها في هذا الموقف لتستجيب بانفعالات عاطفية، كما تفعل الشخصية في كل موقف تعيشه.. لكن ذلك ظل محدوداً وغريباً بأداء فنانة ذات تاريخ كبير نقدّره، مثل الفنانة صباح الجزائري.
“شوق” بطولة باسم ياخور ونسرين طافش، كتابة حازم سليمان واخراج رشا شربتجي.
شاركنا النقاش