[sam_zone id=1]

دمشق: آمنة ملحم|


لا يحتاج الأكاديمي لتجارب كثيرة ليثبت نفسه، بقدر ما يحتاج لفرصة صحيحة. هذا ما ينطبق على المخرج الشاب مجيد الخطيب، بتجربته الإخراجية الأولى مع عشارية “شرف”، تأليف ديانا جبور، والتي تعرض عبر منصة “وياك” حالياً.

مجيد الخطيب القادم من عائلة فنية، (والداه المخرج باسل الخطيب والكاتبة ديانا جبور)، والذي درس السينما في أميركا، بدا تأثره بعالم السينما واضحاً بشكل كبير رغم أننا هنا أمام عمل درامي، حيث ترتكز صورته غالباً على لغة سينمائية ظهرت بأبهى حلة، مع محاولاته الواضحة لخلق روح خاصة به في الإخراج ، بعيداً عن التقليد، أو التساهل في التعامل مع الصورة والحدث.


الصورة مع الديكور في “شرف” يحملان جزءاً كبيراً من الحكاية، بل ويضيفان لها، وهذا ما يحقق متعة الفرجة الحقيقية. والرمزية حضرت بقوة في حلقات العمل، حيث استعان المخرج الشاب بالطبيعة، ليقوم بإسقاطات رمزية على الحكايا، مفتتحاً أولى مشاهد المسلسل من الطبيعة لتتوقف الكاميرا على “الديك”، المتعارف عليه أنه يرمز للذكورية، فكأنه لخص الانطلاقة بأننا سنكون على موعد مع حكايات بطلتها “المرأة” في مواجهة ذكورية المجتمع، لتصعد رمزية الصورة في مشاهد كثيرة أخرى، لعل أبرزها مشهد تأمل بطلة الحكاية “آسيا” (أمل عرفة) للغسالة “الاوتوماتيك” وهي تدور، بعد أن استطاعت إقتنائها أخيراً ثمناً للعملية الأولى “ترقيع غشاء البكارة لفتاة مغتصبة” تفادياً لجريمة شرف قادمة. كما تلا ذلك مشهد “الأغطية” البيضاء على سطح المنزل مع لقطة عامة للشام، للقول بأن الفتاة عادت بأيدي “آسيا” كصفحة بيضاء أمام المجتمع.


قدم المخرج الخطيب الحكاية ببطولة موازية بين النص والصورة، فقضية “شرف” المرتبط بالعذرية فقط، حملت الجديد والمختلف هنا في إطار حكايا أعمال المنصات، واستطاعت عبرها الكاتبة جبور إثبات أن النص القوي يعبر ويعلو، بين ما يروج من سطحية في بعض دراما المنصات.


جمهور “شرف” أمام حكايا لشابات بعضهن تعرضن للإغتصاب في الطفولة واخترن الصمت، وهي قضية مهمة جدا، طرحت بجرأة عالية. ولم تغيّب جبور حكاية في غاية الجرأة عن الزوجة “المغتصبة” من الزوج، والتي نادرا ما تمر على الشاشات، والتي استعملها الأهل كثمن لسيارة يهديها الزوج لأم الزوجة، ووظيفة يؤمنها لوالدها مع بضعة هدايا من الألماس للشابة (دوجانا عيسى) التي تجد نفسها أمام زوج يتمادى معها بأفعاله الغريبة والوحشية، ليسلمها أخيراً لرجل آخر.  وبذلك تتحول لمجرمة بعد قتلها للزوج (وائل رمضان). وقد قدم كل من رمضان ودوجانا عيسى مشاهد تطلبت جهدا كبيراً وإتقاناً عالياً.


يمسك المخرج مجيد الخطيب بدفة الإخراج باحترافية، ضابطاً أداء الفنانين الذين تميزوا من أبطال وضيوف، ليتوهج العمل بثنائية “الأم والابنة” (أمل عرفة وصباح الجزائري) بصدق الأداء ولغة الجسد المدروسة، مع تفرد عرفة بسطوة حضورها أمام حكايا متتالية من حلقة لأخرى.

خلال تصوير أحد المشاهد مع المخرج الواعد مجيد الخطيب

حكايا “شرف” شائكة وجريئة، وهذا ما يبرر عبارة “+ 18” التي ترافق افتتاحية كل حلقة، وصولاً للحلقة السادسة، في ظل وتيرة تشويقية متصاعدة. وتلك الحكايا تبشّر برسائل مجتمعية لن تمر مرور الكرام، كما تبشر الصورة بمخرج واعد في الدراما السورية، التي طالما كانت ولادة بعالم الفن.

في هذا المقال

شاركنا النقاش