[sam_zone id=1]

طهران: فاتن قبيسي|

في السنوات الاخيرة، فضل القيمون على “مهرجان الفجر السينمائي الدولي” اختيار احدى الشخصيات المتخصصة في مجال السينما الدولية لرئاسة المهرجان. ومذاك والمخرج رضا ميركريمي هو مدير هذا الحدث السنوي الضخم.

وصحيح ان المهرجان يشكل فرصة هامة تربط طهران بمعظم دول العالم من بوابة السينما، الا ان ميركريمي الذي خصص له كل وقته، يفتقد في السنوات الاخيرة للوقوف خلف كاميرته، اذ لم يعد بوسعه اخراج افلام نتيجة مسؤوليته الراهنة. وبذلك فان فيلمه “دختار” (اي البنت بالعربية) الذي حصل على جوائز عدة، هو آخر افلامه منذ تفرغه للمهمة الجديدة، اي منذ ثلاث سنوات.

باكرا من كل عام، يبدأ ميركريمي باعداد العدة لمهرجان “الفجر” الذي اختتم اعماله امس الاول. فمنذ اربعة اشهر تبدأ التحضيرات. ونتيجة المامه بالثقافة السينمائية والفنية الدولية، اختار بدقة اسماء من العالمين العربي والغربي، في مجال الاخراج، والتمثيل والمونتاج والانتاج، والصناعة السينمائية عموما، بالاضافة الى الموسيقى. ابرزهم الممثل الايطالي العالمي فرانكو نيرو، والمخرج الاميركي اوليفر ستون، والموسيقي الايطالي العالمي نيكولاس بيوفاني.

خصص ميركرمي فريقا كبيرا في مجال تنظيم المهرجان، تفرغ عدد كبير من الشابات والشبان لمتابعة مسؤولياتهم التي تشكل كل منها حلقة في سلسلة يمسك المدير بطرفيها جيدا. لقد بدا على مدى ايام انعقاد “الفجر” (19-27 نيسان الجاري) “كالماسيترو” الذي يحسن قيادة الاروكسترا. يتنقل بين اقسام المهرجان وصالات عرضه، ويتابع الامور اللوجستية للضيوف، ويرافقهم في بعض نشاطاتهم، ويشرف على فعاليات الختام…

ولكن ماذا يقول مدير المهرجان رضا ميركريمي ل “شاشات” التي التقته قبيل الحفل الختامي؟

يعتبر ميركريمي بأن المهرجان يشكل فرصة لتعريف العالم بالاستعدادات الفنية، ليس على مستوى السينما الايرانية فحسب، بل على مستوى الشرق الاوسط ايضا، وفرصة ليقدم اهل الاختصاص انفسهم واعمالهم امام دول العالم. وقد زاد عدد المدعوين من الضيوف هذا العام حتى وصل الى 350 شخصية فنية واعلامية، قدموا من 78 بلدا.

ولكن لماذ اقتصرت المشاركة العربية على حوالى ستة افلام فقط من اصل 130 فيلما؟ الا يوجد مستويات سينمائية جديرة؟ يرد بالقول: بالعكس، وكنا نتمنى تشكيل علاقات سينمائية وثقافية اوسع مع البلاد العربية، ولكن للأسف الاوضاع السياسية تحول أحيانا دون العلاقات الثقافية. ومع ذلك، حاولنا في السنتين الاخيرتين قدر المستطاع ان ندعو ضيوفا من مختلف الدول العربية. وكان لدينا افلام من العراق، الكويت، سوريا، الجزائر، المغرب، عمان وحتى السعودية التي شاركت من خلال فيلم قصير. وهذا العام لدينا حوالى ستة افلام من فلسطين، العراق، سوريا، الكويت وغيرها، ولدينا ضيوف من قطر، العراق، عمان والكويت.

ويثير ميركريمي مشكلة انسحاب مصر فيقول: منذ سنتين ونحن ندعو ضيوفا من مصر، ونجهز تذاكر السفر لهم، الا انهم يعتذرون في اللحظة الاخيرة. ففي السنة الماضية، اعتذر من اختير احد اعضاء لجنة التحكيم، وفي العام الحالي تم ترشيح فيلم مصري في قسم المسابقة، الا ان صاحبه عاد وانسحب في اللحظة الاخيرة. وانا شاركت في عدد من المهرجانات السينمائية العربية، في القاهرة وتونس والجزائر…وكنت في بعضها عضو لجنة تحكيم، والكل يعرف كم انني قريب من جميع الثقافات. وعندما كنت اشاهد الافلام في صالات العرض، كنت اشعر بأنني موجود بين اهلي وناسي. ولكنني آسف بأن تخلق الخلافات السياسة تباعدا بين الدول في المجال الثقافي.

كيف تنظمون مهرجانا دوليا بهذا الحجم، فيما بعض وسائل التواصل الاجتماعي التي تساعد على الانتشار محجوبة رسميا في ايران، مثل “فايسبوك” و”تويتر”؟ يجيب ميركريمي: نحن نستفيد من كل وسائل التواصل الاجتماعي. فمن خلال “كليك” واحدة بموجب نظام VPN يفتح امامنا كل شي. وانا كمخرج وفنان اخالف هذا الاجراء، علما اننا ما زلنا نتواصل عبر “السوشيل الميديا” كما قلت لكِ، والناس في ظل ذلك لا يثيرون هذه المسألة بتاتا. كما ان لدينا مواقع تواصل ايرانية، وكثيرون يستفيدون منها، ولدينا ثلاث او اربع مواقع الكترونية داخلية، لدى كل منها ما لا يقل عن خمسة ملايين متابع!

هل اعتذر بعض المدعويين عن المشاركة (الى جانب مصر)؟ يقول ميركريمي: نعم كان هناك عدد من المدعوين لم يتمكنوا من تلبية الدعوة، اما بسبب انشغالاتهم او لاسباب شخصية، ولكنهم وعدوا بالمشاركة في المهرجان في السنوات المقبلة، مثل المخرج الصربي أمير كوستاريكا، المخرج البريطاني كين لوتش، والمخرج الايطالي ناني موريتي.

ويضيف: نحن لا نقدم اي مبالغ مادية للضيوف مقابل حضورهم خلافا لبعض المهرجانات العالمية، ولا نهتم بالمظاهر، بل اننا ندعوهم ليتشاركوا التجارب السينمائية والخبرات مع اهل السينما والطلاب. فالمخرج الاميركي اوليفر ستون على سبيل المثال لم نخصص له سيارة من نوع “ليموزين”، ولم نحطه ب”البادي غارد”، بل كان يسير بشكل طبيعي في الطرقات، ويتنقل براحة وحرية بين اقسام المهرجان.

وماذا عن عملك كمخرج؟ وهل يمكن ان تشارك في انتاج مشترك مع احدى الدول العربية؟ يجيب: منذ عشرين عاما كان هناك افلام مشتركة بين ايران وسوريا ولبنان.. لكن على المستوى الشخصي لم تتوفر لي الفرصة بعد في هذا المجال.

وعن موضوع الفيلم المقبل، يقول رضا ميركريمي: لم افكر به بعد، ولكن من المؤكد انه سيكون موضوعا اجتماعيا عائليا. فهذا هو المجال الذي أخوضه في العادة.

وميركريمي هو منتج ومؤلف وکاتب سیناريو  وممثل ايراني، الى جانب عمله كمخرج. وبدأ مسیرته بإخراج مجموعة من الأفلام القصیرة ومنها “من أجله” و”یوم ماطر” و”الدیك”. اخرج أیضا مسلسلین تلفزیونیین هما “الشمس والجدة”، و”شباب مدرسة همّت”. وله افلام عدة منها: “الطفل والجندي”، “تحت ضوء القمر”.. ونال عن بعض افلامه جوائز محلية وعالمية .

في هذا المقال

شاركنا النقاش