فاتن قبيسي|
لا يمر اليوم خبر وفاة طلال سلمان، استاذ الصحافة والاعلام مرورا عابراً بالنسبة الينا. نحن من كان لهم فرصة ان نعمل تحت جناحه في جريدة “السفير” التي أسسها في 26 آذار 1974، والتي كانت في الصدارة في احيان كثيرة. هي مدرسة علّمتنا الكثير، وعلّمت اجيالا قبلنا الاحترافية والمهنية. وشكلت جزءاً من اعمارنا، وفصولاً طويلة وغنية من تجاربنا.
طلال سلمان له الفضل على الصحافة، والفضل علينا نحن عاشقو الكتابة والركض خلف الخبر، هو الأب الروحي والمعلّم الذي تدرجنا على يده الى مصاف الصحافة الحقة. ونعرف اهميته وقدره اليوم اكثر من اي وقت مضى، بعد ان تغيرت صورة الاعلام، وسادت سطوة الأجهزة الالكترونية. وليس في تتبع التكنولوجيا اي مشكلة بطبيعة الحال، ولكن الأزمة اليوم هي في تغيير معايير هذه المهنة التي يربطنا بها شغف كبير.
لطلال سلمان وصحيفته مواقف لا تنسى في احلك ظروف البلد، حيث كانت تلعب “السفير” دورها دائما الى جانب المواطن، وهي التي رفعت شعار “صوت الذين لا صوت لهم”، وكانت مع تجنيب البلد الفتنة الداخلية، كما كانت اقليمياً، ثابتة في موقفها العروبي الى جانب القضية الفلسطينية.
وبقدر ما كان الاعلامي المخضرم دمثاً، بقدر ما كان حساساً ويرفض المهادنة امام الخطأ المهني، فلا يفوّته لأحد من فريقه. كان يريد لصحيفته وفريقه الكبير ليس فقط الاستمرارية بنجاح محقق، بل المزيد من النضج والاكتساب طالما ان يوميته تصدر، والقارىء ينتظرها. واذا قصدتًه في مكتبه لمراجعته في أمر ما، لم يكن ليخيب لك ظناً إطلاقا.
بعد توقف “السفير” عن الصدور قبل سنوات، ها هو ناشرها وصاحبها يغادرنا ايضا ليترك في مكانه فراغاً يصعب ملؤه. . القلم اليوم في حداد.
نرشح لك:
شاركنا النقاش