[sam_zone id=1]

دمشق: آمنة ملحم|

في ظل مشاهد بانورامية تستعرض حضارة مدينة تدمر التي لا تموت رغم كل ما مر عليها من محاولات للعبث بآثارها وتاريخها، مع الملكة زنوبيا الشامخة على مر العصور، افتتح فيلم “دم النخل” للمخرج نجدة اسماعيل انزور حكايته بجانبيها التوثيقي عبر شخصية حارس آثار تدمر خالد الأسعد، والدرامي عبر شخوصه الآخرين سواء في رحلة الجنود السوريين في مواجهة الارهاب الذي تعرضت له المدينة بوحشية، مرورا بالنساء الرافضات لوجه الخيانة في المدينة، وصولا إلى أبنائها الذين صمدوا حتى آخر لحظة فيها.

قُدم الفيلم بعرض خاص للصحافيين في دار الاوبرا في دمشق، على أن تبدأ عروضه الجماهيرية في 15 أيلول (سبتمبر) الجاري، وتبع العرض مؤتمر صحافي حضره المخرج انزور، والكاتبة ديانا كمال الدين، والمؤلف الموسيقي للفيلم رعد خلف، ومدير مؤسسة السينما مراد شاهين.

هي حكاية بدأت مع صورة جمعت خالد الأسعد (محمد فلفلة) بثلاثة شباب من المجندين في الجيش العربي السوري طارق (جوان الخضر)، وحسام (مصطفى سعد الدين)، وكريم “لجين اسماعيل” الذين تتلاقى مصائرهم ورحلتهم كما نهايتهم مع خالد الأسعد المكللة بالتضحية لأجل وطن أرادوه أن يبقى شامخا على حساب ارواحهم، فكانوا بمثابة نماذج انسانية شكل كل منها رمزا لفيلق من الشبان السوريين المتمسكين بنخيل تدمر المدافعين عن تراثها وحضارتها، لتكون تلك الصورة ذكرى لن ينساها كل من شاهدها، بعد احتفاظ كل منهم بنسخة عنها في جعبته لتبقى للتاريخ.

ابتعد الفيلم عموما في حكايته عن المباشرة في الطرح، وحمل الرمزية “الساحرة” عبر شخصية زنوبيا رمز التحدي والقوة، التي تطل كخيال ينهض معه كل شيء من جديد، لتأتي النهاية غير المتوقعة حاملة للألم السوري الممزوج برائحة الموت الذي سرق أحبابا ضحوا لأجل وطن وأطفالا هم درب المستقبل، فكما افتتح مشاهده مع زنوبيا كذلك ختمها معها، وبجانبها روح خالد الأسعد من جهة والطفل السوري الذي سيكمل درب من رحلوا. كما استخصر الفيلم روح الشاعر عمر الفرا عبر قصائد رددت بين مشاهده، لتكون خير معبر منسجم مع الصورة المقدمة.

هي نهاية حزينة خيمت على المشهد، إلا أنها بذات الوقت حملت أملا بالجيل القادم الذي سيكمل الدرب مهما اشتدت وعورته أمام الآباء.

الفيلم تميز بلغة سينمائية عالية، تنوعت مفرداتها بين التوثيق والدراما والرمزية والربط بين الماضي والحاضر بذكاء إخراجي، فمن خيال الرومان على جدران تدمر الى صورة الدواعش خلال الأزمة السورية، مع صورة استحوذت على عدة مشاهد لتنطق عوضا عن الكلام بحضور زنوبيا الصامتة (مجد نعيم)، فيما قالت عيناها الكثير بلغة الألم والتحدي والصمود. ويسجل الأداء مقنع لمحمد فلفلة بشخصية خالد الأسعد، وجهاد الزغبي الرجل الوفي لأرض تدمر، وكذلك الفنان عدنان عبد الجليل الذي جسد دور الخائن لوطنه، ولابنه “كريم” المجند في الجيش السوري لتحقيق مصالحه الشخصية فقط، لتأتي الموسيقى التصويرية لرعد خلف متآلفة مع روح المشاهد بعيدا عن الصخب والمبالغة.

مؤتمر انزور

وخلال المؤتمر الصحافي الذي عقد بعد العرض رد أنزور على تساؤل الصحافيين حول كمية الحزن التي حملها الفيلم لاسيما في نهايته، بأن ما شهدته تدمر من جراح يبقى أكبر بكثير مما عرضه الفيلم، فهناك روايات من أهاليها تفوق الخيال حول كمية العنف والإرهاب الذي طالها، إلا أن الفيلم حاول أن يكون موضوعيا لأبعد حد ممكن، وأن استشهاد الأبطال في الختام هي حقيقة لا بد من تسليط الضوء عليها. كما نوه أنزور بأن النهاية جاءت بعد نقاش منطقي مع الكاتبة كمال الدين، وهي الأنسب، فليس غاية الأفلام دائما تجسيد البطولات فقط.

ولفت انزور الى أن الفيلم سيترجم لخمس لغات وسيعرض في مدينة تيفولي الإيطالية، كما سيشارك في مهرجانات عدة في الخارج.

من جانبها، اوضحت الكاتبة كمال الدين أن عنوان “دم النخل” مستمد من شهرة مدينة تدمر بالنخيل، ولكثرة الدماء التي سالت دفاعاً عنها من ابنائها وأبناء سوريا عموما..

وأشارت كمال الدين إلى أن الفيلم تضمن جزءا وثائقيا فقط بما يتعلق بشخصية عالم الآثار خالد الأسعد، أما بحكايا الجنود فهي درامية بعيدة عن التوثيق، وحكاية استشهادهم كانت أقرب للحقيقة، فهناك كثر استشهدوا ليكون الدرب مفتوحا لمن هم بعدهم.

وعن استمرار التعاون بينها وبين المخرج انزور، لفتت الى أن تكرار التجربة يساعد على التركيز مع الوقت على المُنتَج، بعد التفاهم الذي يحصده الفريق من هذا التكرار.

كما اشار الموسيقي رعد خلف إلى الاتجاه بموسيقى الفيلم نحو البعد الداخلي بعيدا عن الحركة والصخب، لتنسجم الموسيقى مع الرسالة التي أرادها صناع الفيلم منه.

تبدأ العروض الجماهيرية لفيلم “دم النخل” في 15/9/2019 وحتى 15/10/2019 وذلك في دار الأسد للثقافة والفنون، قاعة الدراما.

البطاقة الفنية للفيلم :
– إخراج: نجدة اسماعيل أنزور
– كتابة: ديانا كمال الدين
– تمثيل: لجين اسماعيل، جوان خضر، مصطفى سعد الدين، جهاد الزغبي، محمد فلفلة، عدنان عبد الجليل، مجد نعيم، عامر علي، قصي قدسية، محمود خليلي، ليلى بقدونس، سيوار داود، حمادة سليم، نبيل فروج، إيمان عودة، مجدي مقبل، ياسر سلمون، فادي عبد النور، علي الماغوط، أوس وفائي، نور خلف، محمد الويسي، والطفل علي السملوتي.
– ضيف شرف: أحمد رافع، عبد الله الشيخ خميس، ود. خليل الحريري.
– مدير التصوير والإضاءة: محمد حبيب
– الصوت: مهدي رحيم زاده
– ملابس: سحاب الراهب
– مكياج: منى حسن
– التأليف والتوزيع الموسيقي: رعد خلف
– مونتاج: وائل طه
– مدير الإنتاج: خالد فرنجية
– مهندس ديكور: عصام الداهوك
– مخرج منفذ: قتيبة غانم
– مخرج مساعد: علي الماغوط
– علاقات عامة: فادي عبد النور
– الغرافيك والشارات: يزن أنزور
– الإشراف العام: مراد شاهين
– إنتاج المؤسسة العامة للسينما، بالتعاون مع مؤسسة نجدة اسماعيل أنزور للإنتاج التلفزيوني والسينمائي.

في هذا المقال

شاركنا النقاش