[sam_zone id=1]

دمشق: آمنة ملحم|

عندما اعلن الفنان القدير دريد لحام انضمامه لفيلم دمشق – حلب كبطل للحدوتة، أصر حينها أنه سيجسد شخصيته الحقيقية. هذا الاصرار ظهر بأسمى تجلياته مع عبرات أب يلتقي ابنته بعد غياب، وقد أغلق المخرج باسل الخطيب عدسته معها لتكون عبرات لحام فعليا في الواقع، بعيد العرض الخاص للفيلم في سينما “سيتي”، أصدق مشهد قد تعجز الكاميرات عن ترسيخه سينمائيا.

بلقطة بانوراميا يقف فيها لحام على تلة يحيط بها دمار الحرب، افتتح المخرج باسل الخطيب فيلم “دمشق – حلب” الذي بدا فيه لحام المذيع السابق اللامع “عيسى العبد الله” بمثابة وطن تدور من حوله الشخوص، لتلتقي على حافة خطوط السنين التي نسجت على معالم وجهه محبة وحكمة، استقاها من الحياة، ووزعها لتروي وجع وخوف وألم كل من حوله .

بعد سلسلة أحداث راكمت الألم في دمشق، وقدرية انقذت عيسى إثر تأخره لحظات عن موعد زفاف ابنة اخيه، والتي كان لها موعد مع الموت بتفجير إرهابي، جاء قرار عبد الله بلملمة آلامه والتوجه نحو حلب، أملا بلقاء ابنته “دينا” (كندا حنا) التي أثقلت الحرب كاهلها ايضا.

رحلة حلب كما نسجها الكاتب تليد الخطيب كانت أشبه بمرآة تعكس صورا لنماذج عدة من النسيج السوري، بكل تناقضاته المأساوية والساخرة معا. وقد اجتمعت أحيانا بذات الشخوص لتكون “رفاه” (صباح الجزائري) ترنيمة الحياة الجميلة تناضل بصمت وترحل بصمت، و”هدى” (سلمى المصري) حب الماضي الغائب الحاضر في وجدان عيسى، ومذيع العصر (عبد المنعم عمايري) الحامل الأساسي للكوميديا التي لونت الرحلة بألوان البهجة الفرح، وذلك برفقة علاء القاسم و “اعتزاز” (ناظلي الرواس) المرأة الجميلة والقوية، وليكون صوت نيرمين شوقي دندنة تعزف على أوتار الوجدان السوري كلما احتاج لفرح .

ألوان قوس قزح السورية كلها تجلت في حافلة حملت اسم “الفرح”. وحاولت الصورة السينمائية التأكيد عليها مرارا في رمزية واضحة لرحلة مضنية لكل سوري باحثا عن الفرح الحقيقي، في ظل مرارة الحرب. وكل ذلك دون أي ملامح مباشرة لتلك الحرب.

ورغم الضحك التي شهدته احيانا صالة العرض خلال الرحلة، جاء المشهد الاخير مشحوذا بالكثير من العاطفة التي فجرها أب بلقاء ابنته، اذ بقي مشهدا حافرا في النفس، وقد جسده الفنانان دريد لحام وكندا حنا بدموع حقيقية أغلقا معها رحلتهما السينمائية.

الفيلم حملت مشاهده عبرة وبوحا عميقا حتى مع “ضيوف” الفيلم. فمن خلال مشهد واحد، قدمت الفنانة شكران مرتجى نموذجا من ألم الفقدان، وكذلك كل من الفنانين بسام لطفي واحمد رافع وغيرهما من الضيوف. ويأتي ذلك في ظل عناية المخرج الخطيب لكادر شكل كل فرد فيه بطولة بحد ذاتها عبر امتلاك خيوط الشخصيات وتطريزها لقطة بلقطة، للخروج بمشاهد فنية حملت الدهشة والامتاع، وبالتآزر مع موسيقى تصويرية للموسيقي سمير كويفاتي منسجمة ومتآلفة الى حد اقصى مع المشاهد وبشكل جوهري.

عقب عرض الفيلم، لم يكن هناك لغة ابلغ من دموع القدير لحام للتعبير عن فرحه بنتيجة العرض، ولكنه وفي كلمة له قبل العرض قال :”بدأنا التصوير مع مجموعة الفيلم زملاء.. وفي منتصف التصوير أصبحنا اصدقاء.. أما في آخره بتنا عائلة واحدة.. فكانت لحظة فراقنا قاسية.. سأحتفظ بذاكرتي بكل اللحظات التي قضيتها لاستعيدها كلما أعوزني الفرح.. شكرا للكاتب والمخرج الذين منحاني فرصة رائعة لأكون مع هذه العائلة”.

وختم لحام : “مع هذا الفيلم أحلامي الكبيرة انتهت سأحتفظ باحلامي الصغيرة”.

باسل

بدوره المخرج باسل الخطيب لفت في حديث ل”شاشات” بأن هذه التجربة مختلفة تماما عما قدمه من دراما تراجيدية سابقا، فهي بمثابة صورة عن المجتمع بقيمه وتناقضاته ومثله العليا التي تجمع بين الناس، مؤكدا بأنه يعتز بالتجربة التي جمعته كأول تعاون مع القدير دريد لحام، وهي تشكل إضافة قيمة لرصيده.

ونوه الخطيب بأن الفيلم احتاج منه الكثير من الجهد والتعب، معتبرا ان احساسه بأن الفيلم لاقى القبول من الناس بعد العرض، هو بمثابة أهم جائزة له.

وأكد الفنانون المشاركون في الفيلم بأن وجود الفنان دريد لحام في الفيلم حملهم المزيد من المسؤولية تجاه أدوارهم ومشاركتهم، معربين عن سعادتهم بهذه التجربة التي حملت الدفء والانسجام والمحبة.

الفيلم من انتاج “المؤسسة العامة للسينما”. ويأتي هذا العرض الخاص له في دمشق، قبيل مشاركته بافتتاح “مهرجان الاسكندرية السينمائي” في الثالث من الشهر القادم.

في هذا المقال

شاركنا النقاش