[sam_zone id=1]

دمشق: آمنة ملحم|

قليلة هي الأسماء التي نالت فرصة حقيقية في الفن، لتعلن تخمر تجربتها الفنية وتظهر أدواتها في المكان المناسب، وتصعد للصف الاول بين الفنانين السوريين في السنوات الأخيرة. لا سيما مع التراجع الذي شهدته هذه الدراما بحكم أزمة بلادها، ومع غياب صناعة النجوم في البلد عموما، فكان اتكاء المنتجين والمخرحين يتجه نحو الأسماء التي حققت شهرة سابقا، بعيدا عن خوض اي مغامرة جديدة.

ولكن الفنان يبقى بحاجة لفرصة جادة بعد سنوات عدة، يقدم فيها أدوارا متوازنة ويحصد عبرها تقدير الحضور على الشاشة، ويثبت تملك أدواته وتصاعد خطواته بشكل منطقي، من دون ان يتكأ فقط على جاذبية شكله الخارجي. هذه الفرصة لا يمكنه صنعها وحده، لأن خيارات الفنان تكون دائما محدودة بقائمة العرض المطروحة عليه، وليس كما يعتقد البعض بأن الطريق ممهد له على الدوام. وهذا ما نستطيع القول أنه ينطبق على الفنان خالد القيش بموسم رمضان 2019 الذي تألق بدوره في مسلسل “دقيقة صمت”، ليزيد من وهجه على الشاشة باتزان واضح وسيطرة كاملة على أدق تفاصيل الشخصية شكلا ومضمونا، لتكون فرصة منحت له فاستحقها واقتنصها على الفور، محققا بذلك مقولة باولو كويللو “خلقت الفرص لكي تقتنص على الفور”.

هذا الحضور للقيش لم يكن مفاجئا للجمهور فقط، بل أيضا لصناع العمل. فبعد عرض عدة حلقات، وفي خطوة قليل ما يقوم بها كتاب الدراما بالتصريح عن شخوص بعينها كسبت الرهان في أعمال كتبوها، كان تصريح كاتب العمل سامر رضوان حول إصرار المخرج شوقي الماجري على اختيار القيش لأداء الشخصية، فيما اعتبر رضوان الأمر أشبه بمغامرة، ولكنه بعد العرض تلمس أن القيش كسب الرهان حقا، واصفا اياه بأنه “فنان بحجم غيمة”.

ومع إصرار الجمهور عبر “السوشيل ميديا” بأن شخصية “العميد عصام” جاءت منصفة له أكثر من كونها فرصة، عاكسا بذلك حجم الاقناع والابهار الذي حققه في لعبة الدراما، بقي القيش متوازنا في ردات فعله المنضبطة لأبعد حد داخل الشاشة وفي الواقع أيضا. ولم ينس الرجل مع انتشار ردود فعل الايجابية حوله من الجمهور وصناع المهنة والنقاد أن يوجه شكرا للمخرج شوقي الماجري عبر صفحته على “فايسبوك”، فنشر صورة له وكتب: “هذا الإنسان الجميل بأخلاقه وإبداعه لا يسعني بعد النجاح إلا أن أقول شكرا وشكرا على وجودك علامة فارقة في حياتي المهنية، شوقي الماجري أستاذي الكبير ومزيد من التألق”.

هي اذاً أشبه بحالات بوح متبادلة بين صناع العمل، تعكس أخلاقيات لم يفتقدوها مع مهنة تشكل الشهرة فيها عامل إغراء مستمر للاعتداد بالذات والتفرد بالنجاح، مع التجاهل بان النجاح حلقة دائرية لا تكتمل إلا بنجاح كافة عناصرها.

حلقات قليلة تفصلنا عن ختام رحلة “العميد عصام”، واللافت إلى الآن استمرار استحواذ خطه على الكثير من التشويق والإثارةن بحيث تكون ردات فعله على الأغلب غير متوقعة، فهي شخصية متقنة البناء الدرامي والأداء الفني. لذا استحقت أن تكون شخصية الموسم بجدارة.

في هذا المقال

شاركنا النقاش