دمشق: آمنة ملحم|
شيع جثمان الروائي السوري حنا مينة- الذي توفي أمس الاول الثلاثاء عن عمر ناهز 94 عاما- صباح اليوم الخميس من المستشفى الفرنسي في دمشق إلى مثواه الأخير في اللاذقية، لتقام التعازي بعد الدفن مباشرة في صالة كنيسة مار ميخائيل، في اللاذقية، وفي دمشق في قاعة كنيسة الصليب المقدس في القصاع يومي الثلاثاء والأربعاء المقبلين، من الساعة السادسة وحتى التاسعة مساءً.
وكان الفنان سعد مينة، ابن الروائي الراحل، اعلن وفاة والده الذي كان يعرف عن نفسه بقوله ” أنا كاتب الكفاح والفرح الإنسانيين”.. ، ببضعة كلمات عبر صفحته على “فايسبوك”: “الكبير حنا مينة في ذمة الله”..
الفنانة شكران مرتجى كانت أول من رثى روائي سوريا موجهة تعزيتها لعائلته فكتبت “هبت العاصفة أخذت الرجل الشجاع هيا أضيئوا مصابيحكم الزرق فلم يتبق إلا بقايا صور …رحل البحار العتيق حنا مينا ….لترقد بسلام.. وكل التعازي لصديقي الغالي سعد مينا وكل العائلة وجميع محبيه”.
كما دعت الفنانة أمل عرفة بالرحمة لروح الأديب السوري الكبير، والمخرج ناجي طعمة والفنان علاء قاسم.
اما الكاتب جورج عربجي فكتب: “نهاية رجل شجاع ..
الريّس .. في ذمة الله .. قبطان الرواية حنا مينه لروحك السلام”.
حنا مينة كان “صوتاً للفقراء الذين فقدوا كل شيء إلا عزتهم وكبرياءهم في مواجهة المظالم”، كما كتب عنه الروائي واسيني الأعرج .. وكذلك بعد مماته حيث جاءت وصيته صدى لأرواحهم فجاء فيها:
“أنا حنا بن سليم حنا مينه، والدتي مريانا ميخائيل زكور، من مواليد اللاذقية العام 1924، أكتب وصيتي وأنا بكامل قواي العقلية، وقد عمّرت طويلاً حتى صرت أخشى ألا أموت، بعد أن شبعت من الدنيا، مع يقيني أنه “لكل أجل كتاب”.
لقد كنت سعيداً جداً في حياتي، فمنذ أبصرت عيناي النور، وأنا منذورٌ للشقاء، وفي قلب الشقاء حاربت الشقاء، وانتصرت عليه، وهذه نعمة الله، ومكافأة السماء، وإني لمن الشاكرين.
عندما ألفظ النفس الأخير، آمل، وأشدد على هذه الكلمة، ألا يُذاع خبر موتي في أية وسيلةٍ إعلامية، مقروءة أو مسموعة أو مرئية، فقد كنت بسيطاً في حياتي، وأرغب أن أكون بسيطاً في مماتي، وليس لي أهلٌ، لأن أهلي، جميعاً، لم يعرفوا من أنا في حياتي، وهذا أفضل، لذلك ليس من الإنصاف في شيء، أن يتحسروا علي عندما يعرفونني، بعد مغادرة هذه الفانية.
كل ما فعلته في حياتي معروفٌ، وهو أداء واجبي تجاه وطني وشعبي، وقد كرست كل كلماتي لأجل هدف واحد: نصرة الفقراء والبؤساء والمعذبين في الأرض، وبعد أن ناضلت بجسدي في سبيل هذا الهدف، وبدأت الكتابة في الأربعين من عمري، شرّعت قلمي لأجل الهدف ذاته، ولما أزل.
لا عتبٌ ولا عتابٌ، ولست ذاكرهما، هنا، إلا للضرورة، فقد اعتمدت عمري كله، لا على الحظ، بل على الساعد، فيدي وحدها، وبمفردها، صفّقت، وإني لأشكر هذه اليد، ففي الشكر تدوم النِعم.
أعتذر للجميع، أقرباء، أصدقاء، رفاق، قُرّاء، إذا طلبت منهم أن يدعوا نعشي، محمولاً من بيتي إلى عربة الموت، على أكتاف أربعة أشخاصٍ مأجورين من دائرة دفن الموتى، وبعد إهالة التراب علي، في أي قبر مُتاح، ينفض الجميع أيديهم، ويعودون إلى بيوتهم، فقد انتهى الحفل، وأغلقت الدائرة.
لا حزنٌ، لا بكاءٌ، لا لباسٌ أسود، لا للتعزيات، بأي شكلٍ، ومن أي نوع، في البيت أو خارجه، ثمّ، وهذا هو الأهم، وأشدد: لا حفلة تأبين، فالذي سيقال بعد موتي، سمعته في حياتي، وهذه التأبين، وكما جرت العادات، منكرة، منفّرة، مسيئة إلي، استغيث بكم جميعاً، أن تريحوا عظامي منها.
كلُّ ما أملك، في دمشق واللاذقية، يتصرف به من يدّعون أنهم أهلي، ولهم الحرية في توزيع بعضه، على الفقراء، الأحباء الذين كنت منهم، وكانوا مني، وكنا على نسب هو الأغلى، الأثمن، الأكرم عندي.
زوجتي العزيزة مريم دميان سمعان، وصيتي عند من يصلّون لراحة نفسي، لها الحق، لو كانت لديها إمكانية دعي هذا الحق، أن تتصرف بكلّ إرثي، أما بيتي في اللاذقية، وكل ما فيه، فهو لها ومطوّب باسمها، فلا يباع إلا بعد عودتها إلى العدم الذي خرجت هي، وخرجت أنا، منه، ثم عدنا إليه”.
يذكر ان حنا مينه روائي سوري، ولد في مدينة اللاذقية . ساهم في تأسيس رابطة الكتاب السوريين، واتحاد الكتاب العرب، ويعد أحد كبار كتاب الرواية العربية. توصف رواياته بالواقعية.
معظم رواياته تدور حول البحر وأهله، دلالة على تأثره بحياة البحارة أثناء حياته في اللاذقية، من مؤلفاته “المصابيح الزرق” ، وتم تحويلها لمسلسل يحمل نفس الاسم، “الشراع والعاصفة”،”الياطر”، “الأبنوسة البيضا”، “نهاية رجل شجاع” والتي تم تحويلها إلى مسلسل يحمل نفس الإسم، “الثلج يأتي من النافذة”، “الشمس في يوم غائم ” وتم تحويلها لفيلم بنفس الإسم، “بقايا صور” وتم تحويلها لفيلم بنفس الإسم، “المستنقع” وعشرات المؤلفات الأخرى.
شاركنا النقاش