[sam_zone id=1]

ماهر منصور|

اثنان وعشرون شركة إنتاج جديدة، انشأت في العامين الأخيرين في سوريا، سجلت حراكاً إنتاجياً (نظرياً) لم نشهده في سنوات ازدهار الدراما السورية، رغم أن هذه الأخيرة تعاني اليوم من حالة مخاض تسويقي تصل لحد الاختناق..!

ورغم أن حالة التهافت على إنشاء شركات إنتاج درامي تثير العجب، حين يتعلق الأمر بالحديث عن الجدوى الاقتصادية من خوض هكذا مشاريع في الوقت الراهن، فان الأسئلة عن المستوى الفني الذي يقدمه عدد لا بأس به من هذه الشركات يثير الكثير من الريبة…؟!!

بالعموم لا يعنينا في هذا السياق إلا الحسابات الفنية، ووفقاً لتلك الحسابات، تبدو الشركات الوليدة من طابقين، المسافة بينهما تكاد تفوق المسافة بين الثرى والثريا:

في الطابق الأعلى تؤكد خيارات عدد من الشركات الوليدة حضورها المختلف، وتشير بوضوح إلى نزوعها نحو تقديم مشاريع فنية، لا سيما مع اعتمادها على أسماء خبيرة في عالم الإنتاج الدرامي، لتتولى مهمة الإدارة الفنية. وهذه الأخيرة حرصت على التعاقد مع أسماء فنية مهمة، تضمن مستوى لائقاً للمسلسلات التي تنتجها. وفي أجندة هذه الشركات عدة مشاريع أبرزها: “الواق واق” (الصورة)، و”هوا أصفر”، بالإضافة إلى أعمال أخرى انتجت في العام الفائت منها “سايكو” و”شوق”.. وبغض النظر عن حظوظ هذه الأعمال التسويقية، إلا أن ما عرض منها، أو ما رشح عن ما ينفذ اليوم، ينطوي على مستوى فني لائق بحدود متفاوتة، تحفظ في حدها الأدنى للدراما السورية وجهها ومكانتها.

أما شركات الطابق الثاني…ففي خياراتها الفنية ما يثير أسئلة الاستهجان، فغالبية ما تنتجه اليوم، يفتقر للحد الأدنى من عوامل تسويقها في الحالة الطبيعة، فكيف حالها ونحن نعاني من حالة عسر تسويقي كبير هذه الأيام..؟!

نظرياً تسوق الأعمال الدرامية السورية عادة، لأسماء النجوم فيها، أو لأسم مخرجها الكبير، أو للثقة بنص كاتبها، أو لتاريخ شركتها المنتجة. ووفقاً لهذه الأسباب تحدد القيمة المالية لسعر الحلقة الدرامية الواحدة تبعاً للعرض والطلب في سوق الفضائيات. وبطبيعة الحال سيدخل العمل الدرامي الذي يفتقر لأسباب المنافسة التسويقية سوق الفضائيات ليقدم بضاعته السورية بثمن بخس، على نحو يسهم في المزيد من التدهور في سعر الحلقة الدرامية السورية، المتدهور أصلاً.. إذ تعرض معظم هذه الأعمال بسعر وسطي لا يتجاوز الثلاثين ألف دولار للعمل كاملاً، وهو المبلغ ذاته الذي كان يتقاضاه السوريون منذ نحو عشر سنوات أو أكثر، ثمناً للحلقة الدرامية الواحدة التي تعرض حصرياً.

تلك الأرقام، وهذه الخسارة المحسوبة بالورقة والقلم تثير كثيراً من الأسئلة عن جدوى دخول شركات الإنتاج الوليدة في مشروع تجاري يبدو خاسراً في ظروف العرض والطلب الطبيعية، فما بالنا وهي تدخل سوقا تتكبد فيه الشركات الكبيرة والعريقة خسارات فادحة..؟

ما يزيد طين تلك الشركات بلة، شركات الطابق الثاني بالتحديد، السوية الفنية التي تقدم بها أعمالها، فهذه الأخيرة ستقدم نفسها للجمهور بوصفها دراما سورية، وستثقل بمستواها الفني المتواضع على هذه الدراما المتهالكة أصلاً من أزماتها التسويقية المتتالية.

ربما يأخذ علينا البعض الحكم على هذه الأعمال قبل مشاهدتها، وهو أمر لم نعتده من قبل، ولكن المثل الشعبي يقول “اللي ما يشوف من الغربال أعمى”. ونحن نرى ما هو أبعد من فتحات الغربال. ويظل لنا أن نتأكد ما الذي تراه شركات الإنتاج من الغربال ذاته، لنفهم ما معنى أن تنتج بهكذا مستوى فني في زمن المخاض التسويقي ..؟!

 

في هذا المقال

شاركنا النقاش