فاتن قبيسي|
بعض اعلامنا اللبناني في الحضيض.. لعلها افضل ما يمكن البدء به. اعلام الاثارة المجانية والرقص على عذابات الناس. لم يعد هناك من استغلال انساني الا ومارسه تمام بليق بحق ضيفته رملاء نكد بالامس. استهزأ بها أحياناً وشتمها غالباً وواجهها بألامها وعذاباتها دون رحمة، كمن اعتاد العمل في مسلخ!
الخطأ الاول هو في اختيار الضيوف. رملاء نكد امرأة ليس لديها ما تقدمه على الشاشة اصلا. ليس لها صفة معينة او موهبة معترفا بها. لماذا يخصص لها منبر تلفزيوني اليوم؟ لم يعد للأثير اي اعتبار، هاجس “الرايتينغ” يتغلب على القيمة في ايامنا هذه، بل ويسحقها سحقاً..!
الخطأ الثاني والاكبر هو محاورة رملاء بالسوء الذي شاهدناه. هذه المرأة التي تقوم بممارسات هجينة على “السوشيل ميديا”، وتدعي بانها افضل شاعرة في لبنان، ليست سوى كائن ضعيف يتظاهر بالقوة، ليست سوى ام منكوبة بوجع الفراق عن اولادها، وابنة لوالدة معنِّفة واب مظلوم. هذه الشابة تحاول التعويض باساليب غير متوازنة، ولكن لا يعني ذلك التشهير بها. رملاء تحتاج الى الدعم والمساندة، لا الى الجلد بسوط تمام بليق، ونهرها بصوته المؤنب الصارخ.
هل يصدق احد ان ثمة محاورا يوجه الى ضيفته مثل هذه التعابير:
“تاريخك زبالة”، “انت مين.. انت شو؟”، “تافهة”، “مهووسة”، “انت مسخرة”، “في شي عم يضرب فيك”، “العالم بتكرهك”، طليقك استعرّ منك (من العار) ، “الناس بقولوا عنك حدا وسخ”، ” يا عيب الشوم عليك”، “انت مريضة”، “لازم تزوري حكيم نفسي”، “لو في دولة انت لازم تتوقفي”..
من نصّب بليق لدور القاضي الذي يصدر الاحكام المبرمة؟ ترجوه رملاء الا يخوض في موضوع طليقها، فيكمل ما بدأه بلا هوادة. تستغيثه الا يبرز صورة والدها المتوفي او اولادها الذين تتحرق شوقا اليهم، فيمضي في ما يفعله بدم بارد. تهرب من جروحها، فيما هو يمعن في نكئها واعادة نزفها. كل شي مبرر في سبيل بروزه كمحاور “بطل”، وفي سبيل ان يحافظ على وجوده في المحطة.
اي اعلام هذا الذي لا يحترم الضيف ولا يرحم وجعه؟ اي مدرسة اعلامية تلك التي ينتمي اليها بليق، وعنواها الابرز هو ان يتسبب ببكاء الضيف. يمضي في غرز الابر في مواضعه المؤلمة ليدفعه للبكاء، يحضّر له كل الاجواء لذلك، يطلب من الفريق التقني وضع اغنية حزينة ليدفع ضيفه دفعا الى ذرف دموعه. وهنا تنفرج اسارير الاعلامي الخطير.. اخيرا ضيفه يبكي.. اذن تحقق المراد، ونجحت الحلقة… هذه هي كلمة المرور..!
والتسبب ببكاء الضيف منهجية ليست جديدة لبليق، حملها معه -الى جانب اسلوبه الفظ في الحوار- من برنامجه السابق “بلا تشفير”. عاد الى قناة “الجديد” ، فتوسمنا ان يكون برنامجه الجديد قد استفاد من اخطاء قديمة، الا انه ما زال يعتمد الروحية ذاتها. ما تغير هما امران فقط: المحاورة خارج الاستديو، واعتماد “مع تمام” عنوانا للبرنامج الجديد، كدليل على الشخصنة والنرجسية.
الاعلامي يحاور.. لا يقاضي.. لا يشتم.. ولا يفترس!
شاركنا النقاش