شارك الفنان مارسيل خليفة في مؤتمر صحافي عقدته اليوم “الهيئة الوطنية لحقوق الانسان” المتضمنة لجنة الوقاية من التعذيب بعنوان “اول حقوق الانسان، مكافحة اللاتسامح والكراهية، ماذا بعد الغاء حفل “مشروع ليلى؟”، وذلك في مقر “المفكرة القانونية” في بدارو، بمشاركة 11 منظمة حقوقية وسياسية وثقافية كانت تقدمت بإخبار لدى النائب العام التمييزي بالانابة عماد قبلان بشأن الاعتداءات على فرقة “مشروع ليلى”.
وابرز ما تضمنه المؤتمر الذي استنكر فيه المشاركون خنق حرية التعبير، من خلال الغاء حفل “مشروع ليلى” في اطار “مهرجانات بيبلوس” في 9 آب الجاري، دعوة (اطلقها ايمن مهنا من “مؤسسة سمير قصير”) للمواطنين والاذاعات والمطاعم والملاهي الليلية الى “المشاركة في حملة “للوطن” عبر وضع اغاني فرقة “مشروع ليلى” في 9 آب عند التاسعة مساء مع هاشتاغ “#للوطن” لايصال ايماننا المشترك بالحرية”.
واعتبر المدير التنفيذي لـ”المفكرة القانونية” المحامي نزار صاغية ان المؤتمر “يعالج ظاهرة استثنائية حصلت ضد فرقة “مشروع ليلى” وصولا الى اهدار الدم، في ظاهرة هي الاولى من نوعها ضد فنانين في لبنان”.
ثم القى عضو “الهيئة الوطنية لحقوق الانسان” بسام القنطار كلمة دعا فيها السلطات اللبناينة الى اعتماد سقف عال لتحديد القيود على حرية التعبير، مذكرا بضرورة التزام خطة عمل الرباط في شأن حظر التحريض على الكراهية… واعتبر ان ما تضمنته الاعمال الفنية للفرقة، والتي ادتها على امتداد السنوات الماضية على مسارح لبنانية وعربية ودولية، لا يضعها على الاطلاق في خانة الاساءة الى أي دين او معتقد او في اثار نعرات طائفية. كما ان تفاعل اعضاء الفرقة مع المحتويات المنشورة على الانترنت واعادة مشاركتها على حساباتهم الشخصية لا يرتب مسؤولية مشتركة على الفرقة، على رغم ان واحدة من هذه الحوادث قد قدمت في شأنها شكوى امام القضاء المختص، الذي نظر فيها واستمع الى افادات بشأنها ليتبين ازالتها قبل أعوام عدة بعدما اثارت نقاشات وجدلا، وان اعادة استحضار هذه الواقعة للتهجم على الفرقة قبل اسابيع من موعد الاحتفال المقرر في جبيل، كان استخداما مشبوها وفي غير محله، ويدفع الى السؤال عمن اطلق حملة الكراهية والتهديد بالقتل بحق اعضاء الفرقة.
واوصى بضرورة التحرك الفوري للقضاء بالاستناد الى ما ورد في الاخبار المقدم من المنظمات الحقوقية وفي اخبارات وشكاوى اخرى، معتبرا ان أي تقاعس في سوق المحرضين الى العدالة ومحاكمتهم وفق القانون، هو تغافل غير مسبوق عن الاثار السلبية والخطيرة لخطاب الكراهية والعنف واللاتسامح..”
وتحدثت هلا بجاني من “كلنا ارادة” فقالت: “في 30 تموز الماضي، أودعت 11 منظمة حقوقية وسياسية وثقافية وازنة إخبارا لدى النائب العام التمييزي بالإنابة عماد قبلان، في خصوص الاعتداءات الجسيمة المرتكبة ضد فرقة “مشروع ليلى” وما تمثله. وطالب الإخبار النيابة العامة بملاحقة الجهات التي سوغت لنفسها، ليس فقط إطلاق خطابات الكراهية، ولكن أيضا الدعوة إلى العنف ضد فرقة فنية ومهرجان ثقافي وجمهورهما، وصولا إلى إهدار الدم في ظاهرة هي الأولى من نوعها في لبنان.
واكدت ان ما حصل كان على درجة عالية من الخطورة، بحيث شهدنا، للمرة الأولى، ظاهرة إهدار الدم لأسباب عقائدية. كما أنه على رغم خطورة هذه الظاهرة وأضرارها الجسيمة، فإننا لم نر السلطات العامة تحرك ساكنا طوال 10 أيام للأزمة، أقله ليس حتى الآن وليس علنا. لا لحماية الأشخاص المهددين بحياتهم وأشخاصهم، ولا لوقف التهديد بالعنف بما وصل إليه من مستويات خطيرة وردعه.
ودعت النيابة العامة الى ردع ظاهرة “إهدار الدم” صونا للمصلحة العامة، وتحصينا لأمن المواطن وحقوقه وحرياته وفي مقدمها حرية التعبير والإبداع الفني. كما دعت “جميع المنظمات الحقوقية والمواطنين إلى توقيع العريضة التي نطلقها اليوم تأكيدا لمضمون الإخبار”.
واعتبرت سحر مندور من “منظمة العفو الدولية” ان “مشروع ليلى” واحد من اهم الاشارات الخطرة، على ان النظام السياسي في لبنان لم يفعل ادارات الدولة في شؤون المجتمع”. وقالت: “مجتمعنا مسح للاسف وهؤلاء حققوا اهدافهم بالمنع، وتعتبر هذه رسالة سيرسلها النظام الى المجتمع: ان الدولة لن تحمي من لا يمتلك السطوة”. ولفتت الى ان “الاخبار الذي تقدم بحق فرقة “مشروع ليلى”، تم على اثره استدعاء افراد من الفرقة خلال 48 ساعة، في الوقت الذي تقدمت به هيئات حقوقية بإخبار لم تتحرك تجاهه الدولة حتى الساعة”.
وتحدثت عن “مؤشر ثان خطير جدا وهو ان فرقة “مشروع ليلى” قدمت في العام 2016 احتفالا في جبيل، والالبوم موضوع الخلاف كان قد صدر في العام 2015 ، ولا الدولة ولا الكنيسة شعرت بأي تهديد على ايمانها والسلم الاهلي، ولماذا الان؟”.
والقى الفنان مارسيل خليفة كلمة قال فيها: على اساس وطننا وطن الحريات ملجأ المضطهدين، ملتقى الشرق والغرب، تعايش المتناقضات.. الصمت لم يعد ممكنا في هذه الارض الطافحة بالبؤس، الدافقة بالاوساخ. ما هذا القرف والعار ولا شيء يقتل كالعار. لقد فقدنا هذ الشرف تنازل عن كبريائه. سقطا سقوطا معيبا.
وتابع: لمحاكم التفتيش اقول: اول كلمة تعلمتها من اقوال السيد المسيح هي الحب.
كنا نذهب الى الكنيسة حفاة وكانت ارجلنا ناعمة كالحرير وكثيرا ماكنا نحلم بالمسيح الذي لنا.
المسيح الذي لا تأسره المؤسسات المتحجرة ولا تتاجر به حضارات قاتلة.
اين وجه المسيح في محاكم التفتيش؟ لم اجده، لأنه كان قد هجر الدنيا ومات ضد الموت كله.
سيدي: احمل صليبك واتبعنا على الارض.
واردف: “ان معاملة “مشروع ليلى” بالتدابير البوليسية تصرف جبان كان لـ”مشروع ليلى” الشجاعة لأن يقول في اغانيه رأي بصراحة، وعلى من له رأي مخالف ان يظهر رأيه بأسلوب مماثل (..) قيل ان “مشروع ليلى” منع لأنه يقوم بنشاط “شيطاني”، نحن واثقون بأنها تهمة ملفقة. وحتى لو صحت فلا تعني شيئا. (..) وقيل ان الاحتفال منع “لحقن الدماء”، ونحن واثقون بان هذا العذر حجة.
“مشروع ليلى” ممنوع والسياسيون لا والكهان لا.
القتله الحشرات، الجواسيس، مدبرو البغايا، تجار الرقيق الابيض، جرذان المؤتمرات ومرتزقة الاغتيالات وخدام شبكات التهريب والدعارة يسرحون في البلد ويمرحون. اننا نعتبر ذلك خيانة وطنية. نحن بلد لا يعني شيئا خارج بضع قيم اخلاقية وروحية: قيم الانفتاح والرحابة، والحرية والترحيب بتعايش الاضداد والمتناقضات. صرنا اسوأ من السجن! اعتداء على تراثنا العميق في الحرية، هو خيانة عظمى”.
وقال خليفة: آخر خير وردنا الان الغاء احتفال في النبطية بسبب “الطبلة” طلعت الدربكة حرام، معقول؟ الطبلة يا اهل الدار وما اجمل!
لبنان يتسع لكل هذا الخراب ثم يختنق ضيقا بأغنية بطبلة ثم ينهض بكل موكبه الرسمي والديني وبكل اجهزته لكي يعاقب فرقة فنية بالمنع المهين خوفا من ان تكون هذه الفرقة خطرا على نظام لبنان ومذاهبه وطوائفه، على اربابه ومعابده وأمنه وسلامته ورخائه.
فلننتظر الاسوأ خصوصا من هذه الدولة المنبثقة من مجتمع تركيبته اصطناعية وقيمه زائفة. دولة كهذه، هي، حتما، دولة تسويات ومساومات وتنازلات وتجاوزات.
واضاف: لبنان الصغير الذي جعلوه لا طعم له ولا لون وكثير الروائح الكريهة والذي حلمناه على هوى حبنا، فأفقنا لنجد أنفسنا دخلاء، ما هو المطلوب؟
المطلوب علمنة الدولة، تحقيق العدالة الاجتماعية، الزواج المدني والتعليم المجاني، ونمنع ان يموت الانسان في لبنان جهلا او فقها بنسف قلاع الظلام والتعصب”.
وختم: “ان ألح وظيفة يقوم بها الواحد اليوم هي خلخلة ايمان هذه البلاد بكل معتقداتها.
هذا نعم واجب، لأن كل ما نعتقده خطأ وكل ما نعمله خطأ. فلنحقق وطن العدل والحرية”.
شاركنا النقاش