فاتن قبيسي|
ان تبقى على مدى ثلاثين حلقة مستمتعاً بمسلسل، متشوقا للمزيد، فهذا يعني ان “بالدم” نجح بإمتياز. وان جاء موت “غالية” مخالفاً للتوقعات.
ربما أراد صناع العمل تجنب النهايات التقليدية. فجاؤوا بنهاية محزنة، وصادمة.
ولكن بمعزل عن الجدل الذي تسببت به “اشكالية” النهاية، فلا شك ان حلقات “بالدم”، تستحق الإعجاب، سواء بالحبكة الاساسية لقضية تجارة الاطفال، أو بمجريات الأحداث و”سحر” المعالجة”، او بمسارات الشخصيات وتطورها.
الكاتبة نادين جابر لم تدع مجالاً لأخطاء كبيرة تزعزع كيان النص. بقي متماسكاً. عمل مشغول جيدا. تتمتع نادين بخيال اقل ما يقال فيه انه خصب، وغني غنى الأحداث التي لا تترك مجالاً لمراوحة او ملل. انها بساطة “وّلّادة” أفكار متشعبة قادرة على ربطها بذكاء.
الحلقة الأخيرة حملت مفاجآت، ومواجهات عنيفة تحبس الأنفاس. وما إشراك أفراد عائلة “غالية” في “لعبة” كشف عصابة تجارة الأطفال، سوى مغامرة غير متوقعة اضافت متعة على المشاهدة، رغم شد الأعصاب.
والى جانب ماغي بو غصن، اعطي للممثلين مساحاتهم في العمل، وتعدد القصص زاد العمل غنى وقيمة.

ماغي بو غصن في هذه القصة “أنيقة” الأداء، وعميقة في هدوئها وغضبها، في خوفها وجرأتها. أداء متجدد دائماً. المحامية “غالية” شخصية أخرجت منها ما هو مغاير.
والبطولة الجماعية اتاحت للممثلين اظهار كفاءاتهم بدءاً من “الماهر” باسم مغنية، و”المتميزة” رولا بقسماطي، وبديع ابو شقرا، مرورا بجوليا قصار، وسام فارس، رفيق علي احمد، وصولاً الى رندة حشمة، ونوال كامل وجناح فاخوري…
ويمكن القول بأن سمارة نهرا قدمت دوراً هو من أجمل أدوارها. كذلك تميزت جيسي عبده بدور “جميلة” بنقابها ولهجتها القروية، وبدت وكأنها “جميلة” بالفعل وليست “تمارا”. فكانت مشاهد طريفة رغم خطورتها.
كما نجح كل من سعيد سرحان وماريلين نعمان في تجسيد قصة حب رقيقة ومهددة في آن، اضافت لمسة رومانسية مؤثرة على العمل. ومن نافل القول أن سنتيا كرم كانت علامة فارقة في المسلسل.
بين رندة حشمة وسنتيا كرم.. “بالدم” يقدم “كركترات” بارعة
ولكن في ظل كل هذه الإضاءات، يشار الى ان شخصية “طارق” لم تكن ذي عمق، كما ان علاقته بزوجته “غالية” بدت قائمة بعض الشيء على المبالغة في الحب والتعبير عنه. فكان يذكّرها بأنه “يحبها وسيحبها..”، حتى من دون مناسبة أحياناً.
كذلك الخط الدرامي الذي جمع “آسيا” (كارول عبود) بإبنها “عاصي” بعد حرمانها منه طويلا، بدا مفتقداً الى الاقناع، لجهة لقائهما وعلاقتهما عموما، التي اتسمت بالبرودة، ولا تعكس الشوق الكبير الذي كانت تكنّه لوحيدها خلال سنوات البعد. كما ان إبنها “عاصي” ظهر فجأة كموظف في مطعم “جولييت” من دون ان نعرف كيف أصبح هناك. وبلا مقدمات، صار يتبادل نظرات الإعجاب مع “نايا”، مما يوحي وكأن هناك مشاهد محذوفة في هذا الخط الدرامي تحديداً.
انهما تفصيلان لا يضعفان بطبيعة الحال حبكة العمل، والجهد المبذول في تقديم مسلسل يحرّض افكارك تماما كما عواطفك، فيذكرك بمواقف فعلا عشتها او شهدتها، ويدفعك لحل الالغاز أحيانا. وهو عمل بمعظمه غير مقروء، اي لا تتوقع مجرياته، مما يحفظ مبدأ التشويق على مدى الشهر.
مرة جديدة “يتحالف” النص مع الاخراج الاحترافي لفيليب اسمر، مع الكاستينغ، مع طبيعة مواقع التصوير، تحت مظلة “ايغل فيلمز”، للخروج هذه المرة بعمل لبناني اجتماعي، رومانسي، بوليسي، شهد استقطاباً جماهيرياً هذا الموسم.
الدراما اللبنانية تتصدر مع إنطلاقة “بالدم”
نرشح لك:
فريق “بالدم” يحتفل بنجاحه: “نمبر ون”
شاركنا النقاش